نجوى بركات

تعبٌ من التحليلات والتعليقات والشروحات والمتابعات الصحافية، التي تكرّر الفجيعة إلى ما لا نهاية، بانتظار ضربة أخرى تنقلنا إلى فجيعة تالية.

ثمّة أمل ضعيف واهٍ يلوح، تعمل المعطيات كلّها لدثره وإطفائه في نفوسنا، بأنّنا اليوم بتنا متساوين في الخسارات، وأنّ كلّاً منّا قد نال قسطه من الهيمنة والاندحار.

بقيتُ أتفكّر في مفردة الشفافية، كلمة طرأت علينا ولم تكن تُستخدَم كثيراً في السابق، لكن فجأة صار الجميع يلهجون ويتغنّون ويطالبون بها، وصارت عنوان المرحلة.

لا أريد أن يفرغ العالم أريده أن يصمت فقط. اصمت أيها العالم، انطفئي أيّتها الشاشات وليختفِ ما تبثّينه من صور تجرّح العقول وتقضمها كالجرذان.

هكذا تُفكّك مايا هروشكا الخيوط الأدبية والسياسية التي صنعت القرن العشرين، وتُحلّل الطريقة التي جعلت فرانز كافكا المجهول، كافكا الذي نعرف.

اعتُبرت لوسي مدّةً طويلةً جَدّة البشرية (عمرها ثلاثة ملايين ومائتا ألف عام) وأقدم إنسان منتصب اكتُشف، مع أنّه جرى العثور على 13 هيكلاً آخرَ من جنسها.

اعتمد ليو تولستوي في "الحرب والسلم" نظرية قدرية للتاريخ، حيث الإرادة الحرّةّ ذات أهمية ثانوية، في حين تخضع جميعُ الأحداث لحتمية تاريخيّة لا خلاص منها.

نعم، اللبنانيون دونكيشوتيّو الهوى مُغرمٌ بخيال بلاد لا تمنحه شيئاً، ولا تستجيب لحُبّه، بل إنّها تُضيّق عليه وتستعديه وتطرده منها شرّ طردة.

ما الذي يُعينُ على العيش في المنفى؟... الشحنة العاطفية التي يوفرها الأصدقاء وتصنع وطناً، والفضاء الذي نعيد تشكيلَه من ماضينا وحاضرنا، هذا ما يقوله لنا هشام مطر.

لا أريد أن أسمع مزيداً من طبول الحرب، وأصوات الداعين إليها، المُستعدّين أبداً لإحراقنا جميعاً على مذبحٍ لا ربَّ حقيقياً له. نعم، هنا بيروت.