إدلب تدشن أول منطقة حرة وخطط سورية لتوسيعها لتشمل تجارة السيارات

15 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 12:06 (توقيت القدس)
سوق في إدلب، سورية، 29 مارس 2025 (عمر البو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم الإعلان عن إنشاء منطقة حرة اقتصادية في إدلب لتعزيز الاستثمار وتوفير فرص عمل، مما يمثل نقلة نوعية بعد عقود من التهميش الاقتصادي.
- يُتوقع أن تجذب المنطقة الحرة استثمارات محلية وأجنبية بفضل موقعها الاستراتيجي، وتساهم في تأمين آلاف فرص العمل وزيادة الإنتاج المحلي وتعزيز الصادرات.
- يواجه المشروع تحديات مثل إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية، ويتطلب نجاحه سياسات مرنة وبنية تحتية قوية وحوكمة شفافة واستقرار أمني.

أعلن محافظ إدلب محمد عبد الرحمن، اليوم السبت، عن انطلاق العمل رسمياً في إنشاء المنطقة الحرة الاقتصادية في الجهة الشرقية من المحافظة، وذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، بهدف تحفيز الاستثمار وتوفير فرص عمل وتنشيط الحركة التجارية شمال غربي سورية، في خطوة وصفت بأنها نقلة نوعية في تاريخ محافظة إدلب الاقتصادي.

وقال المحافظ في بيان رسمي نُشر على قناة المحافظة عبر تطبيق تليغرام: "في إطار دعمنا المستمر لتحفيز عجلة الاقتصاد المحلي وتشجيع الاستثمار في محافظة إدلب، نعلن عن انطلاق العمل في إنشاء المنطقة الحرة في محافظة إدلب، وذلك بعد أن تم تحديد الموقع بالتنسيق مع الأستاذ قتيبة بدوي، رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية".

وأضاف أن المشروع يمثل إحدى الركائز الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية في المنطقة، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد أيضاً العمل على إنشاء منطقة حرة ثانية مخصصة لتجارة ومعارض السيارات، بما يسهم في تنظيم هذا القطاع وتوسيعه بما يخدم مصالح المواطنين والتجار. ويأتي هذا المشروع بعد عقود من التهميش الذي عانته إدلب خلال فترة حكم نظام الأسد الأب والابن، وفق ما أكده الباحث الاقتصادي حيان حبابة لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن إدلب كانت تُقصى عمداً من المخططات الاقتصادية الكبرى بسبب موقفها المعارض للنظام. وقال: "كانت إدلب المحافظة المنسية عمداً، ولم تكن مجرد إهمال إداري، بل قراراً سياسياً ممنهجاً لعزلها اقتصادياً، لكن ما نشهده اليوم هو كسر لهذه العزلة وعودة إدلب إلى خريطة الاقتصاد السوري".

ويرى حبابة أن المنطقة الحرة تشكل نقطة انطلاق لتعافٍ اقتصادي في ظل الحديث عن تخفيف أو رفع جزئي للعقوبات المفروضة على سورية، مضيفاً أن المشروع من شأنه جذب استثمارات محلية وأجنبية، خصوصاً مع وقوعه على الطريق الدولي قرب مدينة سراقب، ما يمنحه ميزة لوجستية كبيرة. ووفق المعايير الدولية، فإن المناطق الحرة تُعرّف بأنها مناطق جاذبة للصناعات والخدمات ذات الامتيازات الضريبية والإدارية الخاصة. وفي حالة إدلب، يتوقع أن تسهم هذه المنطقة في تأمين آلاف فرص العمل للسكان المحليين، ما يساهم في الحد من نسب البطالة المرتفعة، وزيادة الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الصادرات السورية نحو الأسواق الإقليمية، وهو ما ينعكس إيجاباً على رصيد العملة الأجنبية ويقوي الليرة السورية، بحسب حبابة.

البضائع الأجنبية في إدلب

ورغم الإيجابيات، يحذر خبراء من بعض التحديات المرتبطة بإنشاء المناطق الحرة، أبرزها إغراق السوق المحلية بالمنتجات الأجنبية المعفاة من الرسوم الجمركية، ما قد يُضعف فرص المنتج المحلي للمنافسة. لكن حبابة يرد على هذا التحفظ قائلاً: "في الوضع الراهن، نحن مضطرون لإدخال البضائع الأجنبية من دون ضرائب جمركية، لأن الإنتاج المحلي لم ينطلق بعد، والمواطن بحاجة لسلع بأسعار مقبولة، خاصة تلك التي تُستخدم في خطوط الإنتاج والطاقة والمكننة الزراعية". ويرى مراقبون أن هذه المرحلة الانتقالية تتطلب سياسات مرنة ومدروسة توازن بين حاجات السوق وحماية الإنتاج الوطني في المستقبل.

وأعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية أن المشروع يحمل شعار "الوفاء يهون العطاء"، ما يعكس، بحسب البيان، التزام الدولة بدعم محافظة إدلب اقتصادياً بعد سنوات من التحديات. كما تُفهم من الشعار محاولة إعادة دمج المحافظة ضمن الخريطة الاستثمارية للدولة، وهو أمر يحمل في طياته بعداً سياسياً واقتصادياً معاً. وتشير المعطيات الأولية إلى أن المنطقة الحرة المزمع إنشاؤها في إدلب قد تكون نواة لتحول اقتصادي كبير في شمال غرب سورية، إذا ما كُتب لها النجاح الإداري والتنظيمي. وبينما تتطلع المحافظة إلى جذب رؤوس الأموال، فإن الأمر يتطلب بنية تحتية قوية، وحوكمة اقتصادية شفافة، واستقرار أمني لضمان تحوّل الحلم إلى واقع منتج.

المساهمون