استمع إلى الملخص
- تعمل الحكومة الصومالية على تحديث قطاع الثروة الحيوانية من خلال تحسين الإنتاجية وتوقيع مذكرات تفاهم مع دول مستوردة، مما يعزز التزامها بتوسيع الأسواق الخارجية.
- يواجه القطاع تحديات مثل ضعف البنية التحتية وارتفاع الأسعار محليًا، بالإضافة إلى تكاليف النقل والتأمين، مما يتطلب تجهيزات لوجستية متطورة للمنافسة بفعالية.
كشف مدير دائرة الصحة في وزارة الثروة الحيوانية في الحكومة الصومالية قاسم معلم عبدي محمود عن ارتفاع صادرات الماشية إلى دول الخليج وبعض الدول العربية بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران الماضي 2025 إلى أكثر من 3.17 ملايين رأس من الضأن والماعز، و435 ألف رأس من الأبقار، و304 آلاف رأس من الإبل.
فيما يُتوقع أن تصل صادرات النصف الثاني إلى نحو 3.92 ملايين رأس أخرى، إضافة إلى أكثر من 5.2 ملايين طن من اللحوم المصدّرة. وكشفت تقارير إعلامية أخيراً أن الصومال صدّر ماشية بقيمة 2.9 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية.
ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة الصادرات في عام 2025 أكثر من مليار دولار، مدفوعة بتراجع المبيعات من أستراليا والسودان، ما يعزز موقع الصومال في الأسواق الخليجية والعربية. فقد بلغت قيمة صادرات الماشية الصومالية نحو 523 مليون دولار في عام 2021، وارتفعت إلى 558 مليون دولار في عام 2022، ثم قفزت إلى 861 مليون دولار في عام 2023، لتصل إلى 974 مليون دولار في عام 2024. وتشير هذه البيانات إلى أن نسبة الارتفاع في صادرات الصومال عام 2025 مقارنة بعام 2024 تُقدّر بنحو 54% تقريباً.
وهذه النسبة تمثل أعلى نمو سنوي في صادرات الثروة الحيوانية خلال خمس سنوات، ما يعكس توسع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب الخارجي بشكل متزامن، ويأتي هذا الأداء القوي نتيجة التحولات الإقليمية التي أضعفت بعض الموردين الآخرين، خاصة أستراليا والسودان.
وحول الخطط المشروعة والمبادرات لتحديث هذا القطاع، قال قاسم إن الوزارة تنفّذ برامج متعددة لتحديث القطاع وتحسين الإنتاجية، تشمل تعزيز إنتاج الأعلاف، وإنشاء أسواق ومختبرات حديثة للمواشي، وتطبيق أنظمة رقمية متطورة مثل المنصات الإلكترونية لمراقبة الأمراض الحيوانية، ونظام معلومات الأسواق لتحسين الشفافية، ونظام التتبع والتعريف بالمواشي لتلبية معايير التصدير، إضافة إلى نظام موحد للشهادات يضمن الامتثال للمعايير الدولية.
وأضاف قاسم أن الحكومة الصومالية وقّعت مذكرات تفاهم مع دول رئيسية مستوردة مثل السعودية وسلطنة عمان، وتستعد لتوقيع اتفاقيات جديدة مع الجزائر والإمارات، في خطوة تؤكد التزامها بتوسيع الوصول إلى الأسواق الخارجية وتلبية متطلبات الجودة الدولية.
وفي السياق، قال الدكتور عبد العزيز أحمد إبراهيم، أستاذ الاقتصاد في جامعة الصومال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تراجع صادرات الأغنام والماعز من أستراليا جاءت نتيجة القيود والقرارات الحكومية الأسترالية، ومن السودان بسبب النزاعات والاضطرابات الداخلية، وهذا ما يطرح إمكانية أن يشكّل ذلك فرصة مهمة أمام الصومال لتعزيز مكانته باعتباره مصدراً بديلاً للثروة الحيوانية، غير أن هذا الأثر قد يكون إيجابيا أو سلبيا تبعا لطريقة استجابة الصومال.
وعلى الجانب الإيجابي يمكن أن تؤدي التطورات الحالية إلى زيادة الطلب الخارجي على المواشي الصومالية، إذ إن الدول المستوردة مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان ومصر التي كانت تعتمد على السوقين الأسترالي والسوداني ستبحث عن بدائل موثوقة، وبما أن الصومال يعد من أكبر مصدري الماشية في العالم الإسلامي، فقد يتمكن من توسيع حصته في الأسواق العالمية كما أن انخفاض المعروض العالمي نتيجة خروج أستراليا والسودان من السوق من شأنه رفع الأسعار الدولية وهو ما يمنح الصومال فرصة لزيادة عائداته من الكميات المصدرة نفسها، إضافة إلى ذلك فإن تقلص المنافسة يعزز قدرة الصومال على التفاوض بشروط أفضل مع الدول المستوردة وشركات النقل.
وبحسب عبد العزيز، تواجه الصادرات الصومالية مجموعة من التحديات والمخاطر، إذ إن ضعف البنية التحتية والخدمات البيطرية يشكل عقبة رئيسية أمام استغلال هذه الفرصة، فغياب الموانئ المجهزة والمسالخ الحديثة والرقابة الصحية الدقيقة قد يؤدي إلى رفض الشحنات الصومالية لأسباب صحية.
واعتبر أن إهمال إجراءات الحجر الصحي قد يعرض البلاد لقيود من شركاء الاستيراد كما حدث سابقا من السعودية. إلى جانب ذلك، فإن زيادة الطلب الخارجي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار محليا، نتيجة تراجع المعروض في السوق الداخلية، وهو ما يفرض ضغوطا على المستهلك الصومالي. إضافة إلى ما سبق، فإن تكاليف النقل والتأمين والشحن البحري تمثل تحديا كبيرا للصومال الذي يحتاج إلى أساطيل نقل مبردة وتجهيزات لوجستية متطورة كي يتمكن من المنافسة بفعالية في الأسواق الخليجية والعربية.