استمع إلى الملخص
- أكدت كريستين كنوتسون على أهمية توجيه التمويل للمنظمات التي تقدم المساعدة للمجتمعات المتأثرة بالنزاع، مع ضمان الشفافية والمساءلة، وتوفير المساعدة في مجالات الغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية.
- يواجه لبنان تحديات هائلة بعد الحرب، مع استشهاد أكثر من 4000 شخص وتشريد مليون، وتطالب الحكومة اللبنانية بمزيد من الدعم الدولي لتحقيق الاستقرار والتعافي، خاصة بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يواجهها لبنان بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أعلنت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية تمديد العمل بالنداء الإنساني العاجل للبنان، عبر توفير تمويل إضافي بقيمة 371.4 مليون دولار أميركي لتغطية فترة ثلاثة أشهر من يناير/ كانون الثاني حتى مارس/ آذار 2025.
سيوجه الدعم إلى مليون شخص من النازحين والمجتمعات الأكثر تضرراً جراء الحرب، ويشمل تقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة واستعادة الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة. يأتي هذا الإعلان في وقت حساس، حيث تكافح العديد من الأسر اللبنانية والسورية والفلسطينية لتجاوز الآثار المدمرة للحرب، فيما يواصل المجتمع الدولي دعمه للبنان في جهود استجابته للأزمة المستمرة، مع التركيز على تقديم المساعدات الغذائية، الشتوية، والعلاجية، بالإضافة إلى العمل على إصلاح البنية التحتية المدمرة.
يستند الإعلان إلى النداء الإنساني العاجل الذي أطلق، في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وسيكون إطار التنفيذ في السياق الأوسع لخطة للاستجابة للبنان، حيث يركّز النداء على الاحتياجات العاجلة في المدى القريب، فيما تبقى الخطة الإطار الأساسي والموجه لكل جهود الاستجابة الإنسانية والتعافي والاستقرار في البلاد على المدى الأبعد.
وأفادت رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيروت، كريستين كنوتسون، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، بأنه "سيتم توجيه التمويل الإنساني الذي جُمع من خلال النداء العاجل، إلى المنظمات التي تقدم المساعدة للمجتمعات المتأثرة بالنزاع من النازحين والمجتمعات المضيفة والأشخاص الذين ما زالوا في المناطق التي يصعب الوصول إليها".
وأكدت أنه يجري توجيه المساهمات الجديدة لدعم المناطق المتضررة من الحرب خاصة، مع التركيز على دعم النازحين والعائدين، بالإضافة إلى أولئك الذين بقوا في المناطق المتأثرة بشدة حيث سيتضمن ذلك المساعدة في مجالات الغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية ودعم تلبية الاحتياجات العاجلة في الشتاء.
مساعدة مركزة بعد الحرب
وعن دور هذا التمويل في دعم المجتمع اللبناني بعد الحرب، قالت كنوتسون إنّ "الدعم المقدم يهدف إلى مساعدة جميع الفئات الضعيفة والمتأثرة بالحرب الأخيرة في لبنان، بما في ذلك المواطنون اللبنانيون، واللاجئون الفلسطينيون، والسوريون، والمهاجرون. حيث أدت الحرب إلى نزوح أكثر من مليون شخص، انتقل مئات الآلاف منهم بسرعة إلى مناطق أقرب إلى منازلهم بعد توقف الأعمال العدائية، لكنهم واجهوا منازل مدمرة أو متضررة وخدمات أساسية معطلة. لذلك، إنّ العمل الإنساني يركّز على تقديم الدعم الحيوي خلال الأشهر الشتوية القادمة، مع بدء جهود التعافي".
وأكدت ضرورة "ضمان الشفافية والمساءلة في توزيع التمويل الإنساني من خلال عملية منظمة تسترشد بالمبادئ الإنسانية وتقييمات الاحتياجات الدقيقة التي تجريها المجتمع الإنساني"، مضيفة أنّ "المانحين يقدمون التمويل بناءً على الاحتياجات التي حُدِّدت في هذه التقييمات، كذلك فإنهم ينشرون معلومات عن التمويل الذي يقدمونه، ما يضمن الشفافية".
وشددت على أنه "بمجرد تخصيص التمويل، تلعب المنظمات المنفذة، بما في ذلك المنظمات المحلية، دوراً حاسماً في تقديم البرامج على الأرض لأنّ المنظمات شركاء أساسيون في الوصول إلى أكثر الفئات ضعفاً، حيث إن لديها فهماً عميقاً للسياقات المحلية والاحتياجات".
وبالإشارة إلى المساءلة، قالت كنوتسون إنه "لضمان المساءلة، تقوم المنظمات بالإبلاغ بشكل منتظم عن كيفية استخدام الأموال، وتفصيل الأنشطة والتأثير المحقق، هذا يضمن استخدام الموارد بشكل فعال، وأن كلاً من المانحين والمجتمعات المتأثرة يمكنه الثقة بجهود الاستجابة الإنسانية، إضافة إلى أنّ العديد من المنظمات المشاركة هي بالفعل شريكة ضمن خطة الاستجابة للبنان (LRP)، ما يضمن تنفيذ البرامج بشكل فعّال ومنسق".
وبالتطرق إلى اللاجئين السوريين، أفادت "بأنهم، والمواطنين اللبنانيين الذين لا يزالون مشردين في لبنان، يواجهون تحديات كبيرة، فيما تحتاج الأسر الضعيفة إلى حماية عاجلة، ومأوى آمن، والوصول إلى الخدمات الأساسية، خصوصاً أولئك الذين يعيشون في المناطق الجبلية المرتفعة، حيث بدأ الشتاء يزيد من التحديات".
ولفت بيان صادر عن الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، أمس الجمعة، إلى أنّ التقديرات تشير إلى أنّ الحرب التي بدأت في أكتوبر 2023، واشتدت على مدى ستة أسابيع مدمرة من أواخر سبتمبر/ أيلول إلى أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تسببت في استشهاد أكثر من 4000 شخص وإصابة 16000 آخرين وتشريد أكثر من مليون شخص، واليوم يكافح مئات الآلاف منهم بعد عودتهم إلى مناطقهم ومنازلهم المتضررة بسبب الدمار الشامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية.
تحديات النزوح في لبنان
وأشار منسق الشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، في البيان الذي أوردته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، إلى أنه "على الرغم من الأمل الذي يحمله اتفاق وقف الحرب، إلا أنّ أكثر من 125 ألف شخص ما زالوا نازحين، ويواجه مئات الآلاف غيرهم تحديات هائلة في إعادة بناء حياتهم. وهناك حاجة ماسّة إلى التمويل الإضافي المطلوب لدعم جهود الاستجابة الإنسانية المنقذة للحياة واستعادة الخدمات الأساسية الحيوية ومنع المزيد من التدهور في الوضع الإنساني المتفاقم بالفعل".
من جهته، أكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ومنسق لجنة الطوارئ الحكومية ناصر ياسين، في البيان، أنه "مع أهمية المساعدات الإنسانية ومحوريتها، إلا أنّ المؤسسات والقطاع العام في لبنان أيضاً بحاجة إلى الدعم لمنع انهيار الخدمات والقطاعات المعيشية الأساسية، وتلبية الحاجات العاجلة للسكان. ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى البلديات والسلطات المحلية التي هي في حاجة ماسّة إلى التمويل العاجل لاستدامة عملياتها بالنظر إلى دورها الأساسي في تقديم الخدمات ومساعدة الناس، وبالنظر إلى ما قدّمته من أعباء ومسؤوليات وتحملته من أثمان وخسائر باهظة في الحرب".
وفيما تستمر البلاد في مواجهة تبعات أشهر الحرب، فإنّ هذا الإعلان يتوجه من الحكومة اللبنانية والمجتمع الإنساني إلى المجتمع الدولي، مطالباً بـ"المزيد من الدعم والتمويل باعتباره مدخلاً ضرورياً في تحقيق الاستقرار على المدى الأبعد، والتعافي من هذه الأزمة التي تعتبر الأصعب في تاريخ لبنان الحديث".
وتأتي خطوة تمديد العمل بالنداء الإنساني العاجل، فيما "يواجه لبنان تحديات هائلة إثر الحرب الأخيرة. ومع انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، يعلّق الجميع آمالاً كبيرة على السياسات المستقبلية التي قد تمهد الطريق لاستقرار البلاد وتعافيها، والنجاح في تحقيق هذه الإصلاحات سيكون أساسياً في تعزيز جهود إعادة بناء لبنان، وتمكينه من تجاوز أزمته الاقتصادية والإنسانية الحالية، واستعادة دوره الإقليمي والدولي مركزاً للفرص والنمو"، بحسب البيان، فيما يتساءل خبراء عما إن كانت هذه المرحلة الجديدة ستسهم في تسريع الإصلاحات الجذرية المطلوبة، وتوفير بيئة مواتية لجذب الدعم الدولي والاستثمارات.