من فائض النفط إلى عجز الميزانية: أين يتجه الاقتصاد الكويتي؟
استمع إلى الملخص
- أشار الباحث الاقتصادي محمد رمضان إلى أن العجز الفعلي المنخفض طبيعي بسبب السياسة المتحفظة للحكومة في تقدير الميزانية، مما يؤدي إلى تقليص الإنفاق على مشاريع التنمية.
- تواجه الكويت تحديًا في تحويل الإيرادات النفطية إلى استثمارات طويلة الأمد، مع ضرورة تبني نموذج اقتصادي مستدام لمواجهة التحولات التكنولوجية والانتقال نحو الطاقة النظيفة.
أظهر الحساب الختامي لميزانية الكويت للسنة المالية 2024-2025، التي انتهت في 31 مارس/آذار، تسجيل عجز فعلي قدره 1.056 مليار دينار (3.46 مليارات دولار)، وهو أقل بكثير من العجز المقدر في مشروع الميزانية البالغ 5.6 مليارات دينار، بحسب وكالة "رويترز".
ووفقاً للبيانات الصادرة في مرسوم نشرته الجريدة الرسمية، أمس الأحد، بلغت الإيرادات الفعلية 22.057 مليار دينار، منها 19.358 مليار دينار إيرادات نفطية، مقارنة مع الإيرادات المتوقعة عند 18.9 مليار دينار. في المقابل، بلغت المصروفات 23.113 مليار دينار، أي أقل من المقدر في مشروع الميزانية عند 24.5 مليار دينار.
وبحسب "رويترز"، قال الباحث الاقتصادي محمد رمضان إنّ انخفاض العجز الفعلي عن المتوقع أمر طبيعي، موضحاً أن الحكومة عادة ما تضع الميزانية على نحوٍ متحفظ يقلل الإيرادات ويزيد المصروفات، ما يجعل العجز المقدر يظهر مبالغاً فيه، وأضاف: "للأسف هذه السياسة تجعل الحكومة تنفق أقل مما هو مفترض"، وهو ما يساهم في تقليص الإنفاق على مشاريع التنمية التي ترتفع تكلفتها مع الزمن بفعل التضخم وعوامل أخرى.
وأشار رمضان إلى أن المصروفات في ميزانية 2024-2025 تراجعت بنحو 7% مقارنة بالسنة المالية السابقة، التي بلغت مصروفاتها 23.644 مليار دينار. وعزا هذا التراجع إلى انخفاض الإنفاق في باب المنح، والذي يشمل المنح الموجهة للدول والمنظمات الأجنبية وأيضاً بعض المؤسسات المحلية، كما لفت إلى أن باب الخدمات والسلع شهد هو الآخر تراجعاً في الإنفاق، وهو ما يعكس تقليصاً في مصروفات حكومية عديدة على بنود متنوعة داخله.
الميزانيات العامة في دول الخليج، ومنها الكويت، لم تعد مجرد جداول أرقام بقدر ما أصبحت انعكاساً مباشراً لخيارات استراتيجية في مواجهة تحولات اقتصادية عالمية سريعة. فالتحدي لم يعد فقط في تقليص العجز أو تحقيق فائض، بل في كيفية تحويل الإيرادات النفطية المؤقتة إلى استثمارات طويلة الأمد في قطاعات منتجة، قادرة على خلق فرص عمل وتنويع الاقتصاد.
ففي ظلّ التحولات التكنولوجية، والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، تجد الكويت نفسها أمام استحقاق تاريخي: إمّا أن تبقى أسيرة الدورات النفطية وتقلباتها، أو أن تنتهز الفرصة لتبني نموذجاً اقتصادياً مستداماً وأكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات.
من هنا، فإنّ العبرة لا تكمن في حجم العجز أو الفائض المسجل في سنة مالية محددة، بل في الرؤية الاقتصادية بعيدة المدى التي تعتمدها الدولة. وإذا استطاعت الكويت تحويل سياساتها المالية إلى أداة لتعزيز التنويع الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية البشرية والمؤسسية، فإنها ستنجح في بناء اقتصاد متماسك يحافظ على استقراره حتّى في زمن ما بعد النفط.
(الدولار = 0.3053 دينار كويتي)