يبدو أن الاقتصاد التركي قد دخل مرحلة الركود التقني رغم ما أظهرته بيانات رسمية اليوم الجمعة من أنه نما 2.1% على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الجاري، في وتيرة أقل من المتوقع، حيث كشف معهد الإحصاء التركي أن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث شهد تراجعاً نسبته 0.2% عن الربع السابق على أساس معدل في ضوء العوامل الموسمية وفي ضوء التقويم، بحسب "رويترز".
وأظهرت البيانات أيضا تعديل النمو الاقتصادي في الربع الثاني بالخفض إلى 2.4% من 2.5%، وذلك بعدما توقع استطلاع لرويترز أن يحقق الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 2.6% في الربع الثالث في ظل تباطؤ الطلب المحلي وتداعيات تشديد السياسات الاقتصادية. وقد ذهبت شبكة بلومبيرغ الأميركية إلى أبعد من ذلك، معتبرة في تقرير لها اليوم، أن الاقتصاد التركي دخل في حالة ركود تقني في الربع الثالث، حيث أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى خنق النمو من خلال تثبيط الإنتاج الصناعي والاستثمار في الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 1.3 تريليون دولار.
وأشارت إلى أن الاقتصاد التركي انكمش بنسبة 0.2% على أساس ربع سنوي، مسجلاً بذلك الانخفاض الثاني على التوالي بما يؤكد بداية الركود التقني. وقد سجلت تركيا نمواً سنوياً بنسبة 2.1% في الربع الثالث، بعدما كان خبراء اقتصاد استطلعت آراءهم بلومبيرغ يتوقعون توسعاً بنسبة 2.5%.
ويُعرّف الركود التقني أو الفني على أنه رُبعان متتاليان من الانكماش، غير أنه لا يوجد اتفاق بشكل محدد على تعريف الركود، لكن المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية في الولايات المتحدة يعرفه على أنه "الانخفاض الكبير في مستويات النشاط الاقتصادي المستمر لبضعة أشهر، والمتمثل في انخفاض مستويات الإنتاج والتوظيف والدخل الحقيقي وغير ذلك، ويبدأ غالباً عندما يصل الاقتصاد إلى قمة النشاط، وينتهي عندما يصل الاقتصاد الى أدنى مستوياته".
وفي تقرير بلومبيرغ ورد أن معدل النمو السنوي انخفض بشكل حاد مقارنة بالربع الأول القوي، ومتوسط ما قبل الوباء الذي تجاوز 5%. ونقلت عن سيلفا بهار بازيكي، العاملة في خدمة بلومبيرغ إيكونوميكس، قولها في مذكرة قبل صدور البيانات اليوم، إنه "نظراً إلى المستقبل، من المرجح أن يظل النمو ضعيفاً".
وقد زاد إنفاق الاستهلاك المنزلي بنسبة 3.1% على أساس سنوي، بينما انخفض الناتج الصناعي بنسبة 2.2% في الربع الثالث، فيما يكافح البنك المركزي التركي من أجل السيطرة على التضخم الذي بلغ نحو 49% من خلال سياسة نقدية متشددة، حيث أبقى على سعر الفائدة الرئيسي عند 50% لمدة ثمانية أشهر متتالية. وقد أدى ذلك إلى كبح جماح الإنتاج الصناعي رغم أن الطلب المحلي لا يزال صامداً جزئياً بسبب شراء الأتراك بعض السلع باكراً لتجنب ارتفاع الأسعار.
كما نقلت الشبكة الأميركية عن كبير الاقتصاديين في بنك ترك إيكونومي إيه إس، أوكان إرتيم، قوله: "يظل الاستهلاك المساهم الأقوى في نمو الناتج المحلي الإجمالي رغم انخفاضه على أساس ربع سنوي لربعين متتاليين. وإلى جانب تباطؤ أحجام الواردات سنوياً وبشكل رُبع سنوي، يشير هذا إلى أن تركيا تقترب من مستوى الناتج الذي قد يدعم عملية خفض التضخم".
ويتوقع البنك المركزي التركي أن ينتهي التضخم هذا العام عند 44%، قبل أن يتباطأ إلى 21% بحلول نهاية عام 2025. وقد لمح سابقاً هذا الشهر إلى أن خفض أسعار الفائدة قد يكون مبرراً قريباً بسبب تباطؤ التضخم، فيما من المرجح أن يكون لسرعة التيسير النقدي المتوقع تأثير حاسم على النمو في الأرباع المقبلة.