الإعلام الفرنسي يُزايد على الحكومة في استعداء الجزائر

15 ابريل 2025
صورة تظهر علمي البلدين قبيل وصول ماكرون إلى الجزائر، 25 أغسطس 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت فرنسا توتراً دبلوماسياً مع الجزائر، حيث تراجعت باريس عن لهجتها التصعيدية بعد عدم تحقيق نتائج ملموسة، مما أثار انتقادات من وسائل الإعلام الفرنسية مثل "لوفيغارو" و"لو جورنال دو ديمانش".

- الإعلام الفرنسي انتقد الرئيس ماكرون لثقته في تحسين العلاقات مع الجزائر، وبرزت قضية الكاتب بوعلام صنصال كنقطة توتر، مما يعكس تصاعد التوترات الإعلامية والسياسية.

- مجلات مثل "لوبوان" تناولت قضايا المعارضين الجزائريين ورفض تسليمهم، ودعت لتجاوز الحديث عن الاستعمار وفتح نقاش جديد، متجاهلة التصريحات العنصرية لبعض الوزراء.

هل يمكن للمرء أن يعثر على مَن يمكنه المزايدة على وزيري الداخلية الفرنسي برونو ريتايو والعدل جيرالد دارمانان، أكثر وجهين في الحكومة تطرُّفاً في كراهيتهما لكلّ ما هو عربيّ أو مسلم؟ الإجابة البديهية تُحيل، بالطبع، إلى اليمين المتطرف وجمهوره. لكنّ المشهد الأخلاقي والسياسي السائد هذه الأيام في بلد "الأنوار" يقدّم إجابة ثانية، مفاجِئةً، تتمثّل بقسمٍ من الإعلام الفرنسي الذي يريد أن يكون أكثر تطرّفاً وحقداً من الوزيرين المذكورين.

هذا ما شهدنا عليه في الأيام القليلة الماضية، التي عرفتْ تراجعاً نسبياً في التوتر الدبلوماسي الذي اختلقته باريس منذ أسابيع ضدّ الجزائر، بعدما اقتنع السياسيون الفرنسيون، وفي مقدّمتهم الرئيس إيمانويل ماكرون، بأنّ استعراض العضلات لم يجلب لهم أي نتيجة تُذكَر في معركتهم ضد السلطة الجزائرية.

موقفٌ تَمثَّل بتغيير باريس لهجتها، وتبنّيها معجماً يميل إلى التهدئة والعودة إلى الحوار. غير أنّ براغماتية الموقف الفرنسي لم تطِب لصحُف وقنوات لا تعبّر فقط عن صوت اليمين المتطرّف، مثل "فالور أكتويل" أو "سي نيوز"، بل تشمل اليمين التقليدي والمحافظ. وهو ما يُعطي صورةً عن "انزلاق" اليمين التقليدي في البلد جهةَ المواقف الأكثر تطرُّفاً.

صحيفة لوفيغارو التي عُرفت تاريخياً بوصفها صوت اليمين المحافظ، عنونت افتتاحيةَ عددها، اليوم الثلاثاء، بـ"لا تنازلات مع الجزائر". ولامَ نائب مدير تحريرها إيف تريار الرئيسَ ماكرون على تخفيف لهجته إزاء السياسيين الجزائريين، ووصفه بـ"الساذج" لأنّه أعرب عن "ثقته" في حدوث تغيُّر في ملفّ الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال.

تحوّل صنصال، المعروف بمواقفه الاستشراقية تجاه بلده الأول والثقافة العربية بشكل عام، وبمحاباته لإسرائيل واليمين الفرنسي المتطرّف، إلى قضيّة شرف ونضال في الأسابيع الماضية لدى قسمٍ واسع من الإعلام الفرنسي الذي وجد في محاكمته ببلده فرصةً لانتقاد "شمولية" الجزائر.

ولم يكن تريار، الذي وجّه افتتاحيته إلى "مَن يهمّه الأمر" من قرّائه بين صانعي القرار، الصحافي الوحيد في "لوفيغارو" الذي شعر بأن حكومته خذلته عبر "تهاونها" مع الجزائر. إذ نشرت الصحيفة ملفّاً، اليوم الثلاثاء، أطلقت فيه العنان لآخرين، حلّل بعضهم "محدودية منهج ماكرون" القائم على الدبلوماسية والحوار، في حين وصفت مقالةٌ أُخرى زيارة وزير الداخلية الفرنسي إلى المغرب، الاثنين، وإعلانه عن تسهيلات للمغاربيين في فرنسا، بأنها محاولة لإغاظة الجزائر من باب ملف الصحراء.

على النغمة ذاتها، بل وربما أكثر حدّة، تعزف صحيفة لو جورنال دو ديمانش، التي ذهب أحد أقلامها، الصحافي "المتخصِّص في العلاقات الدولية" فانسان إرفويه، حدّ القول إنّ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو "انبطح" أمام الجزائر خلال زيارته لها، الأسبوع الماضي، لأنه مقتنِع، هو الآخر، بأنّ الفرنسيين سمعوا أسطوانة الحوار مع الجزائر "ألف مرّة ومرّة"، وأنهم يعيشون "يوماً لا نهاية له" في "أزمتهم" مع البلد العربي. أمّا ما يريده الصحافي من حكومة بلده، فتقليل تأشيرات العبور، وإعادة نظر في المعاهدات بين البلدين، وربما أكثر من ذلك.

ومثل "لوفيغارو"، تعتقد مجلّة لوبوان أنّ "المحرّك الأساسي" للأزمة بين البلدين يتمثّل بملفّ "المعارضين" للحكومة الجزائرية الذين ترفض باريس تسليمهم. وهي تُفرِد لمناقشة أحوال "مؤثّري يوتيوب" الناقدين للبلد العربي مقالاً مطوّلاً نشرته على موقعها، اليوم الثلاثاء، غير راغبة في الذهاب أعمق من ذلك في تحليلها، مثل تصريحات الوزراء الفرنسيين العنصرية تجاه مئات الآلاف من الجزائريين الفرنسيين، أو تقليلهم، بل ونفيهم لأثر الاستعمار الفرنسي للجزائر على العلاقة الحالية بين البلدين.

تدعو المجلة، من خلال مقال نُشر قبل أسبوعين لـ"قلمِها"، المتمثّل بالكاتب الشاب آرتور شُفالييه، إلى تجاوز الحديث عن الاستعمار وإلى إعادة فتح النقاش و"الصراع" بين البلدين "على قدم المساواة، وباسم الحاضر، لا الأمس"!

المساهمون