أعلن الفنان التركي، المقيم في الولايات المتحدة، رفيق أناضول (1985)، أنه يُجهز حالياً لتأسيس أول متحف للذكاء الاصطناعي في لوس أنجليس. المتحف الجديد الذي أطلق عليه أناضول "داتالاند" (Dataland) سيُفتتح في عام 2025، وسيوفر مساحة مناسبة لنوعية الأعمال التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتزايد الطلب عليها خلال العقد المنصرم. وفي حين تتباين مواقف المتخصصين حول الفن الرقمي في عالم الفنون، فإن تأسيس مثل هذا المتحف يؤكد المكانة الكبيرة التي يتمتع بها اليوم رفيق أناضول واهتمام الناس المُتزايد بأعماله الرقمية.
سيقام "داتالاند" داخل مجمع "غراند إل إيه"، وهو مشروع مُتعدد الاستخدامات صممه المعماري الشهير فرانك جيري. ينضم المتحف الجديد إلى هذه المساحة الثقافية المتنامية في وسط مدينة لوس أنجليس التي تضم متحفاً للفن المعاصر ومراكز للموسيقى والمسرح والسينما، وأماكن للعروض الترفيهية. يعزز المتحف أيضاً علاقة أناضول بمدينة لوس أنجليس التي انتقل إليها عام 2012 لدراسة الفن والتصميم في جامعة كاليفورنيا، وهي الجامعة التي يعمل فيها حالياً بالتدريس. يتيح المتحف، كما يقول أناضول، توفير مساحة مُستدامة لتطوير نموذج جديد لما يمكن أن يكون عليه المتحف مستقبلاً، من خلال دمج الخيال البشري مع الذكاء الآلي وأحدث التقنيات المتاحة.
تبلغ مساحة "داتالاند" الذي يجري العمل عليه حالياً 20 ألف قدم مربعة، ولأن تشغيل الذكاء الاصطناعي يتطلب كثيراً من الطاقة، فقد أعلن أناضول أن متحفه الجديد سيتعاون مع شركة غوغل للعثور على مصادر طاقة أخرى غير الوقود الأحفوري. وعن أسباب اختياره مدينة لوس أنجليس مقرّاً لمتحفه، يقول الفنان إن لوس أنجليس مدينة تتطلع دائماً إلى المستقبل في الفن والموسيقى والسينما والهندسة المعمارية، ومن الطبيعي أن تحتضن مثل هذا المتحف.
ظهر أناضول في ظل أجواء تزايد فيها الاهتمام العام بالذكاء الاصطناعي مع ظهور برامج مثل "تشات جي بي تي". وكان أول فنان يعمل في وسائط الذكاء الاصطناعي ينضم عمله إلى مجموعة متحف الفن الحديث. تقف الأعمال التي يقدمها أناضول عند مفترق طرق الفن والعلم والتكنولوجيا. في أعماله تنبض المباني بالحياة وتذوب الجدران والأسقف في الفراغ، وتتشكل جماليات مدهشة وجديدة من تداخل آلاف أو ربما ملايين البيانات الرقمية، ما يوفر منظوراً جمالياً جديداً وسرداً بصرياً مختلفاً للواقع.
يعتمد أناضول على البيانات الرقمية التي يغذي بها برامج الذكاء الاصطناعي لتوليد مجموعات لا حصر لها من الأشكال ثلاثية الأبعاد. في معرضه Quantum Memories الذي أقامه في الغاليري الوطني في فيكتوريا، استخدم الفنان ما يزيد عن 200 مليون صورة للأرض ومناظرها الطبيعية ومحيطاتها وغلافها الجوي، لتصور واقعاً بديلاً للطبيعة. وفي بينالي البندقية للعمارة الأخير استخدم الفنان ما يقرب من 70 تيرابايت من بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي على الدماغ البشري لملايين الأشخاص من مختلف الأعمار.
أول ما لفت الأنظار إلى أناضول كانت أعماله التفاعلية في الأماكن العامة التي نفذها في لوس أنجليس، كالمطارات والمراكز التجارية. التفت الناس حينها إلى تلك الشاشات الضخمة ذات الأشكال المتحركة، التي يمكن التفاعل معها أحياناً، إذ اعتمد بعضها على آلاف البيانات التي تبثها الأجهزة القريبة والهواتف الذكية، لبناء نسق بصري يشبه الأشكال اللونية في لوحات التجريديين. بين مشاريعه البارزة، عمله المقام في مطار شارلوت بالولايات المتحدة، الذي اعتمد فيه على إحصائيات المطار في الوقت الفعلي، مثل الوصول والمغادرة، وأنظمة الدخول والخروج، والنقل البري، وغيرها، وتحويلها إلى مجموعة متغيرة باستمرار من الأشكال اللونية المجردة المصحوبة بالمؤثرات الصوتية.
في أحد أعماله المثيرة، استخدم الفنان نحو أربعين ألف ساعة من التسجيلات التي أجرتها أوركسترا لوس أنجليس على مدى 100 عام تقريباً.
أما انطلاقة أناضول الفعلية فكانت في عام 2022 حين نظم معرضه Unsupervised في متحف الفن الحديث في نيويورك (MOMA). وظّف الفنان خلاله آلاف الصور الملتقطة لمجموعة المتحف المكونة من 138 ألف عمل فني. في هذا المعرض، حوّل أناضول هذه الصور المخزنة لمجموعة المتحف الضخمة من الأعمال الفنية إلى صور متحركة ثلاثية الأبعاد تولّد أشكالاً جديدة على مدار الساعة.