استمع إلى الملخص
- القرار أثار جدلاً بين الناشطين والصحافيين الذين يعتبرونه تقييداً لحرية التعبير، مشيرين إلى أنه يعتمد على عدد المتابعين وليس الأرباح، ويعكس محاولة للسيطرة على الإعلام وجمع الأموال.
- لائحة "تنظيم المحتوى الرقمي" تتضمن عقوبات تصل إلى السجن، وتُتهم بالانتقائية، مما يثير مخاوف من تقييد الحريات والسيطرة على الإعلام في العراق.
قرّرت هيئة الإعلام والاتصالات الحكومية فرض رسوم على المؤثرين في العراق بحسب أعداد متابعيهم، في خطوة عززت ما يتداوله ناشطون وصحافيون حول تقييد المحتوى الرقمي وعمل المشاهير، بل حتى صفحات الأخبار المستقلة، إلا أن هيئة الإعلام قالت إنها مضامين تابعة للائحة تنظيم عمل الفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المتحدث باسم الهيئة حيدر نجم العلاق إنّ "اللائحة تهدف إلى وضع إطار تنظيمي يحدد المعايير والإجراءات الخاصة بالمحتوى الرقمي والإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي"، مبيناً في حديثٍ نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن "اللائحة تشمل جميع المدونين والمؤثرين والشخصيات العامة التي تحظى بمتابعة واسعة في وسائل الإعلام أو على الشبكات الاجتماعية بهدف ضمان الشفافية، المصداقية، وحماية المجتمع من الممارسات غير المهنية في الإعلان والترويج".
وأضاف أن اللائحة "تتيح للأفراد المتضررين حق تقديم الشكاوى للهيئة أو الجهات القضائية المختصة، وأنها تهدف إلى تنظيم المحتوى الإعلامي بما يتماشى مع القوانين النافذة في العراق، وحماية المجتمع من الإعلانات المضللة والممارسات غير الأخلاقية، بالإضافة إلى دعم المسجلين وتقديم التسهيلات القانونية لممارسة نشاطهم الإعلامي، وتعزيز ثقافة الإعلام الرقمي وضمان الاستثمار الأمثل لمنصاته، وحماية حقوق المرأة، الطفل، وذوي الاحتياجات الخاصة وضمان حقوق المستهلكين في الحصول على محتوى موثوق، فضلاً عن ضبط الإيرادات الخاصة بالخدمات الإعلانية لضمان الامتثال للقوانين العراقية".
وأكد أن "اللائحة تتضمن مجموعة من المعايير التي يجب الالتزام بها، أبرزها احترام السيادة الوطنية وعدم بث محتوى يسيء إلى مكانة العراق أو يؤثر في علاقاته الخارجية، ودعم مؤسسات الدولة الأمنية في مواجهة الإرهاب والتطرف، ومنع التحريض على العنف والفتن الدينية أو العرقية التي قد تهدد السلم المجتمعي، وضمان حق الرد للأشخاص المتضررين من الإعلانات أو المحتوى المنشور".
ولفت العلاق إلى أن "الهيئة حددت رسوماً سنوية لتسجيل المؤثرين في العراق وفق أعداد متابعيهم، على النحو التالي: أكثر من خمسة ملايين متابع: مليون دينار عراقي سنوياً (حوالي 700 دولار أميركي)، ومن ثلاثة إلى خمسة ملايين متابع: 850 ألف دينار عراقي سنوياً (500 دولار)، ومن مليون إلى ثلاثة ملايين متابع: 650 ألف دينار عراقي سنوياً (400 دولار)، ومن 500 ألف إلى مليون متابع: 450 ألف دينار عراقي سنوياً (300 دولار)، ومن 100 ألف إلى 500 ألف متابع: بين 250 ألفاً و350 ألف دينار عراقي سنوياً (220 دولاراً)".
واستغرب ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي قرار الهيئة، وخصوصاً أنه يرتبط بعدد المتابعين للصفحات، بدل الأرباح التي يحققها مقدمو المحتوى الرقمي والأخبار والآراء في الشؤون العامة، فيما طرح بعضهم مقترحات على الهيئة بسحب هذا القرار كونه لا ينسجم مع حرية التعبير والفكر والنشر.
وتواصل "العربي الجديد" مع المتحدث باسم الهيئة حيدر نجم العلاق، الذي قال باختصار إن "أهداف وتفاصيل هذه اللائحة مهمة جداً بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات"، مبيناً أن "هذه اللائحة هدفها التنظيم وليس التقييد".
"إجراءات غير مبرّرة"
لكن الناشط العراقي أيهم رشاد وجد أن "هذه الإجراءات غير مبررة ولا يوجد لها مثيل في معظم الدول العربية، بالتالي فإن دفع مبالغ مالية مقابل عدد المتابعين للمشاهير في العراق يمثل حالة تقييد عليهم، وخصوصاً أن كثيرين منهم لا يستفيدون أصلاً من صفحاتهم إلا في نقل الأخبار، وأن مشاريع بعضهم ليست ربحية، بالتالي كيف لهم أن يدفعوا للهيئة مبالغ مالية؟"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الهيئة كان عليها أن تبني علاقات طيبة مع المشاهير، وليس إخضاعهم لإجراءات مالية وكأنها غرامات أو عقوبات تحت ذريعة التنظيم".
وأكمل أن "إعلام السوشال ميديا لا يخضع لإجراءات الإعلام التقليدي، لأن الإعلام الجديد أساسه تحقيق المشاهدات وزيادة المتابعين، دون حجز في الأقمار الصناعية كما في التلفزيون أو ترددات الراديو"، معتبراً أن "قرارات هيئة الإعلام والاتصالات الأخير لن تتحقق، لأنها مجحفة وغير مبررة أو واضحة بالنسبة لأصحاب الصفحات وصناع المحتوى".
من جهته، قال عضوان في مجلس النواب لـ"العربي الجديد"، إن "الحراك باتجاه السيطرة على الإعلام هي سياسة حزبية، وهو ينطبق على الإعلام التقليدي والإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي، وعقلية السلطة الحالية تريد السيطرة على كل ما يُقال أو يُكتب ويُنشر، بالتالي فإن إجراءات الهيئة أخيراً سبقتها إجراءات تتعلق بالمحللين والضيوف الدائمين في البرامج السياسية، وعادة ما يتم تجاهل هذه الإجراءات لأن السواد الأعظم لا يقبل بها".
وأضاف أحدهما أن "رفع قيم واستحداث الرسوم والجباية هي سياسة أيضاً في هذه الحكومة (حكومة محمد شياع السوداني)، بسبب أزمة السيولة المالية الكبيرة في البلاد، والتي وصلت إلى مرحلة أنها تهدد رواتب الموظفين والمتقاعدين، ويبدو أن الحكومة تتوجه إلى استحصال الدينار العراقي بكل ما يمكن من الطرق".
وأكد أن "معظم الرسوم وأموال الجباية ارتفعت في البلاد، والناس يشكون منها، ويمكن النظر إلى مديرية المرور العامة خلال الشهرين الماضيين وشهوتها في معاقبة أصحاب السيارات بحملة غرامات غير مسبوقة، لذلك فإن إجراء الهيئة ورغم أنه تنظيمي كما تدعي، إلا أنه تضمن جنبة مالية".
جدل حول تنظيم عمل المؤثرين في العراق
وسبق أن أثارت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية والقانونية في البلاد، لا سيما بين الناشطين السياسيين والحركات المدنية السياسية الناشئة، الذين يعارضون شكل العمل السياسي الحالي في البلاد، بما عُرف بلائحة "تنظيم المحتوى الرقمي"، التي تضمنت نقاطاً فضفاضة تهدد بتقييد واسع لحرية التعبير والرأي في العراق، من بينها "تهديد استقرار العملية السياسية".
وتوعدت لائحة الهيئة التي عارضها المدنيون وناشطو الحركات المدنية والعلمانية بعقوبات تصل إلى السجن لمدد متفاوتة جزاء منشورات المواطنين أو مقاطع مصورة، فيما تعرضت إلى الاتهام بكونها "انتقائية"، خصوصاً مع استثناء شخصيات معروفة بالخطاب الطائفي والعنصري، تحديداً الشخصيات القريبة من الفصائل المسلحة والمليشيات، من صحافيين وكتّاب وإعلاميين يتحدثون يومياً عبر لقاءات متلفزة وعبر منصة إكس بشأن أحداث سياسية ويمارسون الشتم والطائفية والهجوم على مكونات كبيرة في العراق.