إذا كانت الحروب تنتهي بعد فترات من اندلاعها، فالحرب على المخدرات مستمرة منذ عقود، ولم تحسم في بلدان عدّة، سواء متقدمة أو نامية، فقيرة أو غنية. على أرض الواقع حققت حكومات نجاحات متفاوتة في حربها على المخدرات بحسب الإجراءات التي طبقتها، والتي اعتمدت بالدرجة الأولى على القبضة الأمنية، واختلفت الوسائل والمناهج بحسب القدرات الاقتصادية، والمعايير الثقافية التي تحدّد التوجهات المعتمدة في إنشاء العلاقات مع الناس، ونشر التوعية، والتحكم بالضوابط وتأثيرها على الناس.
تظهر التجربة أنّ ثمّة علاقة مباشرة بين نقص إمدادات المخدرات وبين انخفاض طلب المستهلكين عليها، وإذا كانت المكافحة بالدرجة الأولى هي مسؤولية الحكومات وأجهزة تنفيذ القوانين، فهي بالدرجة الثانية واجب على الأفراد والأسر والمجتمع.
والأكيد أنّ أي تراخٍ في القواعد التي تشجع عملية تحقيق الربح من تجارة المخدرات هو عمل هدام لا بدّ من تجنّبه، فتقليل تجارة المخدرات يسمح بتحقيق نتيجتَين مهمّتَين، أولهما منع الباحثين الجدد من الحصول عليها، والثانية تشجيع مدمني المخدرات على البحث عن العلاج وإعادة تأهيل أنفسهم. من جهة أخرى يجب أن يهتم المجتمع بتوعية الأطفال والمراهقين بالعواقب الخطيرة لاستخدام العقاقير المخدرة والإدمان، ومن المهم أن يذهب النظام التعليمي أبعد من ذلك عبر توعية الأفراد لإدراك قيمة وجودهم وسموّ هدفهم في الحياة، فتراجع الطلب على المخدرات يردع أيضاً التجار.
(العربي الجديد)