استمع إلى الملخص
- غروسي كشف عن "أدلة دامغة" تشير إلى أن إيران قامت بجمع وتحليل وثائق سرية تعود للوكالة، مما يثير القلق حول نوايا إيران النووية. وأكد أن إيران امتنعت عن الرد على أسئلة الوكالة أو قدمت أجوبة غير مقبولة.
- في رد رسمي، اعتبرت إيران أن الادعاءات المثارة حول برنامجها النووي ذات طابع سياسي، مؤكدة أنها سترد على أي إجراء سياسي تتخذه الوكالة. وأعلنت عن إعداد خطوات للرد على أي قرار محتمل من مجلس محافظي الوكالة.
انطلقت، اليوم الاثنين، أعمال الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، حيث يتصدر البرنامج النووي الإيراني جدول الأعمال، وسط توقعات بإمكانية صدور قرار ضد إيران، هو الأول من نوعه منذ عشرين عاماً، إذا ما اتُّهمت طهران بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاق الضمانات التابع لمعاهدة حظر الانتشار النووي. وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، خلال بيان موجَّه إلى مجلس المحافظين، أن الوكالة "لن تتمكن من التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني ما لم تتعاون إيران بشكل كامل لحل القضايا العالقة في ملف الضمانات"، في إشارة إلى قضية مواقع إيرانية يُشتبه بممارسة أنشطة نووية سرية فيها.
وفي السياق، قال غروسي، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة النمساوية، إن الوكالة اكتشفت جزيئات يورانيوم مخصب من صنع الإنسان في ثلاثة مواقع غير معلنة في إيران، هي ورامين، مريوان، وتورقوزآباد، وذلك خلال عمليات تفتيش أُجريت بين عامي 2019 و2020. وشدد غروسي قائلاً: "نحن في الوكالة لا نوجه اتهامات، بل نقدم تقارير تستند إلى تحقيقات دقيقة"، مؤكداً أن "قصور إيران في تقديم الإجابات المطلوبة يدفعنا إلى مقاربة أكثر حساسية لهذا الملف".
وفي تطور لافت، أعلن غروسي، للمرة الأولى خلال المؤتمر الصحافي، عن وجود "أدلة دامغة"، قال إنها تثبت أن إيران قامت بجمع وتحليل وثائق شديدة السرية تعود للوكالة، قائلاً إن هذه المسألة تعود إلى سنوات ماضية، و"استطعنا أن نحدد أن وثائق خاصة بالوكالة باتت بحوزة مسؤولين إيرانيين، وهذا أمر يبعث على القلق البالغ". ورداً على سؤال حول طبيعة هذه الوثائق، وما إذا كانت إسرائيل قد زودت الوكالة بها، قال غروسي: "لا، لقد تلقينا الوثائق من الدول الأعضاء، وأجرينا تقييمات مستقلة بشأن المعدات والوثائق وغيرها".
وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان طهران، أمس الأحد، حصولها على "كمّ هائل من المعلومات والوثائق الاستراتيجية والحساسة، بما في ذلك آلاف الملفات المتعلقة بمنشآت إسرائيل النووية". وحول مستوى التعاون الإيراني، أشار مدير الوكالة إلى أن "إيران امتنعت مراراً عن الرد على أسئلة الوكالة أو قدّمت أجوبة غير مقبولة فنياً، بل سعت أيضاً إلى تطهير عدد من المواقع، ما أعاق أنشطة التحقق للوكالة"، مطالباً إياها بتقديم "تعاون فوري وكامل وفعّال".
وأضاف أن التقرير الأخير للوكالة يؤكد تنفيذ إيران "برنامجاً نووياً منظّماً وغير معلن حتى أوائل العقد الأول من الألفية الثانية"، قائلاً إنها استخدمت خلاله "مواد نووية غير معلنة" في بعض الأنشطة. كما حذّر غروسي من "الوتيرة السريعة لتكديس اليورانيوم عالي التخصيب من قبل إيران"، مشيراً إلى المخاطر المترتبة على ذلك، موضحاً أن "الحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في الدبلوماسية، وهو ما يستدعي دعم الوكالة وجهود التحقق".
وأشار إلى المفاوضات الثنائية بين طهران وواشنطن قائلاً إنه يتابعها "من كثب وبشكل مكثف من أجل الوصول إلى اتفاق يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني". وشدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنه "رغم عدم وجود علاقة رسمية مباشرة بين قرار محتمل ضد إيران في مجلس المحافظين وبين المفاوضات الثنائية بين إيران وأميركا، إلا أنه يمكن القول إن ثمة تفاعلاً وتأثيراً متبادلاً بين المسارين".
وحول الجدل المتعلق بقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، قال غروسي: "التخصيب ليس محظوراً في حد ذاته. هذه حقيقة أؤكدها دائماً ويشدد عليها الزملاء الإيرانيون"، مضيفاً في الوقت نفسه: "لكن عندما يتراكم اليورانيوم المخصب بنسبة عالية وعلى مستويات تقترب من الحد اللازم لصناعة سلاح نووي، فإن ذلك لا يمكن تجاهله، ولهذا تُرصد هذه النشاطات بحذر شديد". ولفت، في الوقت نفسه، إلى أن "تلك المواد النووية ليست كافية بمفردها لصناعة قنبلة نووية، فالأمر يتطلب منظومات معقدة وتقنيات متطورة كالفتائل وأجهزة التفجير".
ورداً على استفسار بشأن تصريحاته الأخيرة في إيطاليا حول الاستغناء عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وضرورة التوصل إلى اتفاق جديد، قال غروسي: "الأمر واضح. كان الاتفاق النووي مصمماً خصيصاً لبرنامج نووي إيراني محدد في حينه، أما اليوم فالوضع اختلف كلياً، وحتى في حال إحياء هذا الاتفاق، فلن يكون كافياً، إذ إن إيران باتت تمتلك تقنيات جديدة".
إيران ترد: تصريحات سياسية
وفي أول رد رسمي، اعتبر السفير والممثل الدائم للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي أن "جميع الادعاءات المثارة حول برنامج إيران النووي ذات طابع سياسي". وفي تصريح تلفزيوني، أكد نجفي أن طهران "سترد على أي إجراء سياسي تتخذه الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، صباح اليوم الاثنين، أن بلاده أعدّت مجموعة من الخطوات والإجراءات للرد على أي قرار محتمل يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي خلال اجتماعه هذا الأسبوع، قائلاً: "من المؤكّد أن الرد لن يكون مزيداً من التعاون".
ولم يوضح بقايي تفاصيل هذه الإجراءات خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، لكنه شدّد على أنها تتجاوز ما جرى الإعلان عنه سابقاً، مضيفاً أن الأطراف الأخرى "على دراية، بشكل أو بآخر، بإمكانيات إيران وقدراتها في هذا المجال"، مشيراً إلى أن بلاده، منذ البداية، اعتمدت على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووفقاً لالتزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي واتفاق الضمانات الشامل (التابع للمعاهدة)، نفذت خلال العامين الماضيين "خطوات مهمة في سبيل التعاون مع الوكالة، وأظهرت حسن نيتها بأفضل صورة ممكنة".
من جانبه، أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، مساء الاثنين، أن بلاده ستعيد التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى "المستوى الطبيعي" إذا لم تُقدَّر مستويات التعاون الحالية، مضيفاً في مقابلة مع التلفزيون المحلي أن طهران "ستتخذ رد فعل مناسباً كما فعلنا في التجارب السابقة. لكن هذه المرة، بالإضافة إلى موقفنا من الغربيين، سنتخذ موقفاً من الوكالة أيضاً".
وشدد كمالوندي على أن "إيران أظهرت أقصى درجات التعاون مع الوكالة، ويجب على الوكالة أن تثمِّن هذا التعاون"، محذراً: "إذا قررنا تقليص التعاون، فمن المؤكد أن الوكالة لن تكون قادرة على أداء مهامها. لقد تعاونّا بما يتجاوز واجباتنا، وإذا لم يكن هذا محل تقدير، فسنُعيد التعاون إلى مستواه الطبيعي".