استمع إلى الملخص
- جاءت دعوة أوجلان بعد لقاءات مع وفد حزب ديم التركي، حيث دعا إلى الاندماج مع الدولة والمجتمع، وأكد الرئيس التركي أردوغان استعداد الحزب لدعم تركيا ديمقراطية.
- اعتبر حزب ديم الكردي أن تركيا على أعتاب فجر جديد من السلام، مشدداً على أهمية الوحدة والمواطنة المتساوية والسياسة الديمقراطية.
عقد حزب العمال الكردستاني هذا الأسبوع "بنجاح"، مؤتمراً لحلّ نفسه، بحسب ما أوردت وكالة فرات للأنباء المقرّبة من الحزب، اليوم الجمعة. وجاء في بيان نشرته الوكالة "عُقد المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني بنجاح في مناطق الدفاع المشروع في الفترة من 5 إلى 7 أيار (مايو) الجاري (...)، وانعقد بناءً على دعوة القائد عبد الله أوجلان"، ونتجت عن هذا المؤتمر، بحسب البيان، "قرارات ذات أهمية تاريخية (...) على أساس دعوة القائد" لنزع الحزب سلاحه وحلّ نفسه، ستُعلن "في المستقبل القريب جداً".
وكان أوجلان، مؤسّس الحزب، قد دعا في رسالة ألقتها باسمه النائبة في حزب "ديم" باريفان بولدان، في مؤتمر صحافي بإسطنبول في فبراير/ شباط الماضي، إلى حل الحزب، ومسلحي المجموعات إلى إلقاء السلاح، والانتقال إلى العمل السياسي. وجاء في رسالته: "كما يفعل كل مجتمع حديث وكل حزب لم يجرِ القضاء عليه قسراً، عليكم عقد مؤتمركم واتخاذ القرارات اللازمة للاندماج مع الدولة والمجتمع طواعية، يجب على جميع المجموعات إلقاء أسلحتها ويجب على حزب العمال الكردستاني حل نفسه"، وختم رسالته بالقول: "أبعث بتحياتي إلى كل من يؤمن بالعيش المشترك ويستجيب لندائي".
وجاءت رسالة أوجلان وقتها بعد اللقاء الثالث الذي أجراه وفد حزب ديم التركي المكون من سبعة أشخاص لأول مرة، في محبس أوجلان بجزيرة إمرلي، وضم إضافة إلى النائبين برفين بولدان وسري ثريا أوندر، اللذين قادا المرحلة السابقة من اللقاءات، كلّاً من رئيس بلدية ماردين المعزول أحمد تورك، والرئيسَين المشاركَين لحزب "ديم"، تولاي حاتم أوغوللاري، وتونجر باقرهان، فضلاً عن جنكيز جيجك، وفايق أوزغور إيرول.
وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن الإعلان الصادر عن حزب العمال الكردستاني بخصوص مؤتمره تتضمن أن نتائج المؤتمر "سيتم إعلانها قريباً"، وهو ما دفع الرأي العام إلى ترقب أي إعلان قد يظهر لاحقاً اليوم. وقالت المتحدثة باسم حزب "ديم" الكردي، وهو الحزب الذي قاد سياسياً مرحلة اللقاء مع مؤسس "الكردستاني" أوجلان، عائشة غول دوغان في مؤتمر صحافي اليوم الجمعة، "إنها مسألة وقت فقط قبل أن يعلن حزب العمال الكردستاني انعقاد مؤتمره".
وأضافت "نحن أيضاً ننتظر هذا القرار التاريخي، وهذه الخطوة بجدية وأهمية بالغتين، وستكون نتائج هذه الخطوة مهمة أيضاً. وفي ما يتعلق بالرأي العام، فإن تصريح الرئيس رجب طيب أردوغان بهذا الشأن، يشير إلى أن للسياسة مسؤوليات جسيمة في هذه المرحلة". وتابعت: "نحن في الحزب نؤكد مجدداً أننا مستعدون لتركيا ديمقراطية، مستعدون للوفاء بجميع مسؤولياتنا بشجاعة، وعزيمة، وإخلاص من أجل تركيا، نتنفس فيها جميعاً الحياة معاً، ويتحقق فيها سلام متساوٍ وعادل ودائم، وتتحقق فيها رؤيتنا لمجتمع ديمقراطي".
وقالت النائبة برفين بولدان، أبرز اسم في المرحلة السابقة والتي التقت أوجلان 4 مرات في سجنه، بعد هذه التطورات في تصريح مقتضب لقناة خبر تورك، "الآن سيتم وضع حجر الأساس للسلام، نسأل أن يكون خيراً علينا جميعاً".
واعتُقل أوجلان قبل 26 عاماً في العاصمة الكينية نيروبي عام 1999، ونُقل لاحقاً إلى تركيا في فترة حكم رئيس الوزراء بولنت أجويد، وأُعلن عن نقله إلى تركيا في 16 فبراير/ شباط، ليُحكم لاحقاً بالسجن المؤبد، ويودع في سجن خاص بجزيرة إمرلي. وشكّل أوجلان مع مجموعة من منابع الثوار الأكراد الثقافية (DDKO)، حزب العمال الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، من مجموعة من الطلاب، أجرت لقاءات مع البعثات الأجنبية في تركيا، ونفذت نشاطات في جنوب شرق البلاد قبيل فرار أوجلان إلى سورية في العام 1979، ما جعله يفلت من اعتقال منفذي انقلاب العام 1980. وتشتت حزب العمال الكردستاني وبات يعمل عن بعد، ليبدأ بالنشاط المسلح في العام 1984، ما ترك تأثيراً في الرأي العام، فيما استمرت العمليات العسكرية وصولاً لاعتقال أوجلان في العام 1999.
وأعلن الحزب وقف إطلاق النار بعد اعتقال أوجلان، لكن ذلك انتهى عام 2004 وعاد للعمل المسلح، وأطلقت الحكومة التركية عام 2012 حواراً سرياً مع الحزب في النرويج، وفي العام التالي أطلقت مرحلة السلام وشكلت لجنة الحكماء، لكن العمليات المسلحة تواصلت ودخلت مرحلة جديدة من الصراع تجاوزت الحدود كثيراً فشملت شمال سورية والعراق، فيما حققت القوات التركية نجاحات كبيرة، دون أن تؤدي للقضاء على الحزب.
حزب ديم الكردي: منعطف تاريخي وفجر جديد من السلام
إلى ذلك، قال حزب ديم الكردي، اليوم الجمعة، إن تركيا على أعتاب منعطف تاريخي وفجر جديد من السلام والأخوة، وذلك بعد إعلان حزب العمال الكردستاني. وأصدر الحزب بياناً من 8 مواد اعتبر فيها أن تركيا تشهد اليوم "لحظة تاريخية"، في واحدة من "أهم وأخطر المراحل في تاريخ تركيا الحديث"، واعتبر الحزب أنه مع قرارات المؤتمر التاريخي لحزب العمال الكردستاني، "تركيا أقرب خطوة إلى أفق السّلام بعد خمسين عاماً من الصراع"، معتبراً أن هذه خطوة "نحو إعادة إحياء وتنمية السلام والسياسة الديمقراطية التي طال انتظارها منذ قرون".
وشدّد الحزب في بيانه على أن الصراع الطويل أظهر أن "الألم ليس له لون أو لغة أو هوية، واليوم التقت دموع الأتراك والأكراد والشركس والعرب والعلويين والسنة وكل الهويات والمعتقدات في بحر واحد، نحمل حزننا المشترك في قلوبنا، وسنحافظ على ذكرى كل من فقدناهم باعتبارها أمانة مقدسة وسنبني مستقبلنا المشترك". الحزب الكردي اعتبر في بيانه أن التوقيت حالياً "هو الوقت المناسب لوضع إرادة الحياة المشتركة والمتساوية"، مبرراً ذلك بأنها "فترة الإيمان العميق بالمجتمع الديمقراطي، والسياسة الحرة، والقانون العالمي، والعمل واتخاذ الخطوات اللازمة من أجل إرساء الديمقراطية".
وأضاف: "لا ينبغي لأي شاب أن يسقط على الأرض في الجبال أو في المدن بعد الآن، ومن الآن فصاعداً ليرتفع صوت السياسة، وليس صوت الإنكار والسلاح، صوت الإجماع الديمقراطي والاجتماعي، ليس صوت الغضب، صوت الوحدة والحياة المتساوية، ليس صوت الانفصال". وواصل حزب ديم بيانه في الحديث عن التطورات الهامة في تركيا بالقول إنّ "صفحة جديدة تُفتح على طريق السلام المشرف والحل الديمقراطي، نؤمن أنه بعد هذا المنعطف التاريخي، يجب على جميع المؤسسات السياسية الديمقراطية، خاصة البرلمان، تحمل المسؤولية عن حل القضية الكردية والتحول الديمقراطي الحقيقي في تركيا".
وفي السياق نفسه، اعتبر الحزب أن ضمان السلام "سيكون في حال قيام السلطة التنفيذية بمسؤوليتها التاريخية في اغتنام الفرصة لبناء مستقبل تركيا الديمقراطي"، وأن أوجلان تحمل المسؤولية التاريخية في تطوير هذه العملية، نشكر جميع زعماء أحزاب المعارضة، وزعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي الذي دعم إرادة الحل، والرئيس أردوغان، الذي تبنّى هذه الإرادة"، وحمّل الحزب "المؤسّسات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وكل مواطن مسؤولية حماية السلام وبنائه وكسب المستقبل"، مؤكداً "نريد أن يكون السلام في تركيا أملاً للشرق الأوسط ومصدر إلهام للعالم".
وتعهد الحزب بعدم السماح "بأي خطوة من شأنها أن تؤذي أرواح الضحايا، أو أي بيان من شأنه أن يضر بالعملية، أو أي عمل من شأنه أن يحجب طريق السلام"، وأنه سيكون من "المدافعين الصامدين عن المواطنة المتساوية والسياسة الديمقراطية والسلام"، وختم الحزب بيانه بالقول إن "هذه ليست النهاية، بل بداية جديدة، ستحمل بالتأكيد نور السلام والأخوة إلى هذه الأراضي".