صفقة التبادل تعيد الأمل بالحياة للأسرى الفلسطينيين المرضى

19 يناير 2025
خلال وقفة تضامنية مع الأسرى في مدينة نابلس، 14 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إدراج الأسرى المرضى في صفقة التبادل: أعادت صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي الأمل لعائلات الأسرى المرضى، حيث شملت بعضهم مثل معتصم رداد ومحمد مرداوي، مما أعطى العائلات شعوراً بالفرح والامتنان، بينما بقيت الفرحة منقوصة لعائلات أخرى مثل عائلة زاهر الششتري.

- معاناة الأسرى المرضى: يعاني الأسرى الفلسطينيون المرضى من إهمال طبي متعمد، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية، مثل معتصم رداد المصاب بسرطان الأمعاء وزاهر الششتري المصاب بالتصلب اللويحي.

- السياسات القمعية بعد أكتوبر 2023: زادت إدارة سجون الاحتلال من سياساتها القمعية ضد الأسرى المرضى بعد أكتوبر 2023، حيث توقفت عن نقلهم للعيادات وألغت الفحوصات الطبية الضرورية، مما فاقم معاناتهم.

تستعيد عائلات الأسرى الفلسطينيين المرضى الأمل بعد إدراج أسماء ذويهم في صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بينما تبقى فرحة أخرى منقوصة لأسرى لم تشملهم القائمة، مؤكدين أن الصفقة تبرز دور المقاومة في إنقاذ حياة هؤلاء الأسرى وإعادة الأمل لعائلاتهم.

معتصم رداد.. عودة للحياة 

عبّر عاهد رداد من بلدة صيدا قضاء مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، عن فرحته الكبيرة بإدراج اسم أخيه الأسير المريض بالسرطان معتصم رداد (43 عاماً) ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بعد أن كادت العائلة تفقد الأمل في أن يخرج ابنهم حياً من خلف القضبان.

يقول رداد لـ"العربي الجديد": "كتب لأخي عمر ليرى النور، ويخرج من الظلمة والزنازين، بعد أن أرهقه المرض وأكل السرطان جسده، وبات شهيداً مع وقف التنفيذ، لكن الأمل دب فينا من جديد بعد ورود اسمه في قائمة الأسرى المنوي إطلاق سراحهم". ويضيف رداد: "لا أجد كلمات أعبر بها عن فرحتي وفرحة والدتي المسنة التي لم تتوقف يومياً عن الدعاء لمعتصم بالفرج، لا أجد ما أقوله لأهل غزة وللدماء الطاهرة التي نزفت على مدار خمسة عشر شهراً، فنحن ممتنون لهم، ولولاهم لما تنسم أخي عبق الحرية".

وبشأن قرار الاحتلال إبعاد رداد إلى الخارج، قال: "كنا نأمل أن يكون معتصم بيننا، ولكن الإبعاد أفضل مئة مرة من بقائه في السجن. وكما كانت المقاومة حريصة على إدراج اسمه في الصفقة، ستكون حريصة أيضاً على توفير العلاج اللازم له وفي أفضل المستشفيات". ويشير رداد إلى أنه فور علم العائلة بمكانه ستسافر إليه وتقيم عنده حتى تطمئن على حياته، وستعمل جهدها للتنسيق والضغط من أجل إعادته للوطن الذي ضحى بعمره من أجله.

واعتقل رداد عام 2006 وهو في سن الرابعة والعشرين من عمره، حيث كان مصاباً بعدة رصاصات أطلقها عليه جنود الاحتلال الإسرائيلي، وجرى إصدار حكم بالسجن بحقه لمدة 20 عاماً. ولاحقاً أصيب بسرطان الأمعاء نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمّد التي ينتهجها الاحتلال بحقه وبحق مئات الأسرى الفلسطينيين. وهو حالياً يعيش في وضعٍ صحيّ صعب.  

ويومياً يتناول رداد أكثر من 60 حبة دواء تتبع 23 علاجاً مختلفاً، بالإضافة إلى حقنة العلاج الكيميائي الشهرية التي يعاني بسببها أسبوعاً من التعب والألم لثقل مفعولها على جسده. وهو لا ينام أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، ومحرومٌ من التغذية الصحية اللازمة.

وعقب العدوان على غزة، انقطع الاتصال تماماً بالأسير، حينها أخرج الأسير رداد رسالة قال فيها: "إن كتب الله لي الشهادة في السجن لا أريد من أحد أن يطالب بجثماني، فمن تركني أموت داخل السجون لا يحق له المطالبة بجثماني".

محمد مرداوي.. حياة جديدة

كما غمرت الفرحة عائلة الأسير المريض محمد عدنان مرداوي من بلدة عرابة جنوب مدينة جنين، بعد ورود اسمه في قوائم الأسرى المتوقع الإفراج عنهم، نظراً لوضعه الصحي الصعب.

مرداوي (46 عاماً) اعتقله الاحتلال عام 1999، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 28 عاماً. يقول شقيقه أحمد لـ"العربي الجديد": "من المقرر أن يفرج عن أخي بعد مدة طويلة جراء التدهور المتلاحق في صحته منذ عامين ونصف، خاصة بعد عمليات القمع التي تعرّض لها مع الأسرى منذ بدء طوفان الأقصى، لذلك نحن ممتنون للمقاومة التي تذكّرته وضمته لقوائم المحررين المرتقبة".

وعبّرت العائلة عن سعادتها لعدم ورود اسمه ابنها ضمن الأسرى الذين ينوي الاحتلال إبعادهم، إذ قال شقيقه: "سيكون بيننا وسنوفر له كل العلاجات اللازمة، وسنفرح به ونحتضنه بعد سنوات الغياب التي ناهزت ربع قرن تقريباً".  

وخضع الأسير مرداوي لعملية استئصال كيس دهني في الجزء الخلفي من رأسه قبل نحو عامين ونصف، ويعد ضمن الحالات المرضية في سجون الاحتلال، حيث يعاني من التهاب رئوي حاد.

كان الحدث الأقسى في حياة الأسير محمد وفاة والدته عام 2011، بعد صراع طويل مع الأمراض التي حرمتها من زيارته، وتركت آثارها عميقة في قلبه، حيث كان يتمنى أن يخرج ليعيش معها أياماً وسنوات في الحرية. يقول أحمد: "أخي لا يعلم أن أبي توفاه الله قبل خمسة أشهر فقط. لا نعلم كيف سنعلمه بالأمر. هذا هو الاحتلال الذي لا يرحم ويفرق بين الأحبة".

فرحة منقوصة

أما عائلة الأسير زاهر الششتري من مدينة نابلس، فقد عاشت ساعات عصيبة أيضاً عندما لم تقرأ له اسماً في القائمة الأولية للأسرى المنوي إطلاق سراحهم، ما زاد من خشيتها على حياته، لا سيما أنه يعد من أصعب الحالات المرضية في سجون الاحتلال.

يقول نجله عماد لـ"العربي الجديد"، إن أباه يعاني من عدة أمراض، وأبرزها التصلب اللويحي، وكان يخضع لجلسات علاج دائمة، ولا يقوى على السير وحده، لكن المعلومات التي تصلهم من الأسرى المحررين تؤكد أن مرضه تضاعف وتدهورت صحته أكثر داخل السجن، وأصيب بمرض الجرب الجلدي الخطير، الذي أصاب معظم الأسرى بعد العدوان على قطاع غزة، بسبب الاكتظاظ والإهمال الطبي المتعمد من إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.  

الششتري الذي ولد عام 1964، وانتمى مبكراً للمقاومة، اعتقل لأول مرة لدى الاحتلال الإسرائيلي عام 1979، وتواصلت اعتقالاته لتبلغ أكثر من 30 مرة، وكان اعتقاله الأخير في أغسطس/آب 2024، بعد يومين فقط من اعتقال شقيقه الأصغر ماهر الششتري.  

يقول نجله: "أبي في وضع خطير للغاية. مؤخراً، وخلال أحد الاقتحامات لغرفته، قام سجان بضربه فوقع على الأرض، ومنعوا أيّاً من الأسرى من مساعدته لساعات طويلة. كما أن إصابته بالجرب فاقمت من تدهور حالته". ويشير الششتري إلى أن كل يوم يمر وأبوه أسير في سجون الاحتلال يعني خطراً داهماً يهدد حياته، مشيراً إلى أن العائلة ورغم هذا توقن أن المقاومة لن تنساه، وسيكون له اسم في الصفقات القادمة، خاصة بعد المناشدات الكثيرة التي أطلقناها ووصل صداها إلى المفاوضين.

سياسات ممنهجة  

وبعد السابع من أكتوبر 2023، انتهجت إدارة سجون الاحتلال سياسات قمعية بحقّ الأسرى المرضى والجرحى، إذ توقفت عن نقل الأسرى المرضى الذين يحتاجون إلى متابعة صحية حثيثة إلى العيادات، وألغت العديد من الفحوصات للعديد من الأسرى المرضى الذين كانوا ينتظرون إجراءها منذ وقت طويل بسبب المماطلة.  

كما تعمّدت إدارة سجون الاحتلال عدم تقديم العلاج للمئات من الأسرى والمعتقلين الذين تعرضوا لعمليات تنكيل وتعذيب، وتركتهم دون أي علاج رغم إصاباتهم، وهذا ما عكسته عشرات الشهادات لمعتقلين أفرج عنهم مؤخراً، في حين جرت مصادرة أجهزة طبية من بعض الأسرى، كالنظارات والعكازات.

المساهمون