كواليس جلسة مجلس الوزراء اللبناني وتفاصيل خطة الجيش لحصر السلاح
استمع إلى الملخص
- قدم قائد الجيش خطة لحصر السلاح تبدأ من جنوب الليطاني وتمتد إلى شماله، مع تأكيد مجلس الوزراء على ضرورة التزام إسرائيل بخطوات متزامنة ودعم دولي للجيش.
- أكد مجلس الوزراء التزامه بالقرار 1701 ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، مع السعي لتحقيق السلام بالتعاون مع المجتمع الدولي.
مصادر: الحكومة ماضية في تطبيق حصرية السلاح لكنها تتجنب أي سيناريو
اختيرت تعابير مقررات الجلسة بدقة في محاولة لتفادي أي تفجير داخلي
مصادر: خطة الجيش اللبناني تتضمن أكثر من مرحلة دون مهلة محددة
نجح مجلس الوزراء اللبناني بتلقّف كرة النار "الداخلية" من خلال استخدامه عبارة "الترحيب بخطة قيادة الجيش لحصر السلاح"، بدل الإقرار، من دون تحديد مهلة زمنية لتطبيقها، ورفعه في المقابل اللهجة بضرورة التزام إسرائيل بتعهّداتها، راهناً إقرار الورقة الأميركية اللبنانية بموافقتها. وبذلك، تبقى الأنظار شاخصة نحو ردّ فعل واشنطن ومن خلفها الطرف الإسرائيلي على المقرّرات، خصوصاً مع اقتراب وصول وفد أميركي إلى بيروت.
وفور انتهاء الجلسة اليوم الجمعة، أعلن مجلس الوزراء اللبناني عن جلسة جديدة سيعقدها يوم الثلاثاء المقبل في السراي الكبير، وعلى جدول أعمالها اتفاقيات واقتراحات ومشاريع قوانين ومشاريع مراسيم، بما يظهر أنّ الحكومة مستمرة بعقد جلساتها بشكل طبيعي، وأنّ معارضة وزراء حزب الله وحركة أمل تقتصر على البند المتعلق بحصرية السلاح.
جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت لأكثر من ثلاث ساعات في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون
، وتخلّلها انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل الأربعة والوزير الشيعي الخامس المستقل فادي مكي مع تلويحه بالاستقالة، بعد دخول قائد الجيش العماد رودولف هيكل لعرض الخطة، خرجت مساء الجمعة بمقرّرات، تلاها وزير الإعلام بول مرقص، وقد اختيرت تعابيرها بدقة في محاولة لتفادي أي تفجير داخلي، خصوصاً بعد تلويح أوساط حزب الله وحركة أمل بخطوات تصعيدية فيما لو جرى اتخاذ أي مقرّرات اليوم، واعتبارها بحكم "غير الميثاقية"، وقد تزامنت مع بدء انتشار دعوات متفرّقة للتحرك في الشارع ضدّ الحكومة.كواليس جلسة مجلس الوزراء اللبناني
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ "الرئيس جوزاف عون كان حريصاً على عدم حصول أي تصادم في الجلسة، أو الخروج بمقرّرات حادّة استفزازية من شأنها أن تحدث إشكالاً سياسياً داخلياً لبنان بغنى عنه اليوم، وهذا كان ثمرة اتصالات عدة حصلت خصوصاً مع رئيس البرلمان نبيه بري
الذي يفضّل بدوره عدم اللجوء إلى الشارع حفاظاً على السلم الأهلي والاستقرار، لكنه يبقي الموضوع معلقاً ربطاً بما يتخذ في الجلسة".وتبعاً للمعلومات، "فقد تقرّر في الجلسة الاتفاق على كلمة ترحيب، خصوصاً أنّ الحكومة سبق أن كلّفت في جلستي 5 و7 أغسطس/ آب الماضي الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، وأقرّت أهداف الورقة الأميركية اللبنانية، وبالتالي فإنّ الموضوع هنا عسكري بامتياز، كما تجنّبت أيضاً تحديد مهلة لتفادي أي صدام، ولكون المهمة لا يمكن حصرها بمهلة محددة، في ظلّ التحديات الكبرى والتقييدات التي ذكرها قائد الجيش أبرزها استمرار احتلال مواقع في الجنوب اللبناني والاعتداءات اليومية إلى جانب حاجة المؤسسة العسكرية لدعم لوجستي وبشري ومادي".
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ "الحكومة لم تتراجع عن قراراتها ولم تقدم تنازلات، وهي ماضية في تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولكنها في الوقت نفسه تريد تجنيب البلاد أي سيناريو، وتشدد على ضرورة أن تقوم إسرائيل بخطوة انطلاقاً من مبدأ تزامن وتلازم الخطوات".
خطة الجيش اللبناني: أكثر من مرحلة ولا مهلة محددة
من جهتها، أشارت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل قدّم شرحاً مفصّلاً وموسّعاً لمهام الجيش والتحديات أمامه وحاجاته، خصوصاً أن مهامه لا تقتصر على حصر السلاح المرتبط بحزب الله، بل أيضاً بالموجود داخل المخيمات الفلسطينية، وقد تضمّنت خطته التي حازت على إشادة الوزراء، وتنويه من قبلهم، أكثر من مرحلة، أولها يبدأ في جنوب الليطاني، وذلك استكمالاً لما تم البدء به منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عملاً باتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثم شمال نهر الليطاني، تليها بيروت ككلّ، وبعدها البقاع"، لافتة إلى أنه "سيكون هناك تقرير شهري يُرفع من قيادة الجيش إلى مجلس الوزراء لمواكبة العملية وكل التطورات المرتبطة بها".
ولفتت المصادر إلى أن "مجلس الوزراء اللبناني سبق أن حدّد مهلة زمنية هي نهاية العام الحالي، لكن قيادة الجيش لم تحدد مهلة في الخطة، وهي تعتبر أن هناك تحديات كبرى ومعوقات عدة يجب تذليلها، وبالتالي لا يمكن تقدير موعد ثابت ونهائي، ومن أبرز هذه العراقيل والتقييدات، استمرار الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب حاجات الجيش، ما يتطلب دعماً دولياً للمؤسسة العسكرية، وهذا الدعم كلما تأخر، أخر بدوره مهام الجيش"، مشيرة إلى أن "مهام الجيش كبيرة ولا تقتصر على حصر السلاح، ربطاً بالورقة الأميركية أيضاً، بل تشمل أيضاً ضبط الحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية وما إلى هنالك، وهذه كلها عمليات ومهام تتطلب دعماً لوجستياً وبشرياً ومادياً".
ضرورة التزام إسرائيل بتلازم الخطوات
وفي تفاصيل مقرّرات الجلسة، رحّب مجلس الوزراء اللبناني بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش ومراحلها المتتالية لضمان تطبيق قرار بسط سلطة الدولة بقوّاها الذاتية حصراً وحصر السلاح بيد السلطات الشرعية، وفقاً لما هو منصوص في اتفاق الطائف والقرار 1701 وخطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري للحكومة الحالية، التي أكدها بتفصيلٍ ووضوحٍ كاملين إعلانُ وقف الأعمال العدائية من قبل الطرفين، وقرر الإبقاء على مضمون الخطة ومداولاته بشأنه سرّياً على أن ترفع قيادة الجيش تقريراً شهرياً إلى مجلس الوزراء بهذا الشأن.
وأكد المجلس تمسّك لبنان الثابت بتحقيق الأمن والاستقرار على حدوده الجنوبية كما بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحدها دون سواها وجعل قرار الحرب والسلم في عهدة المؤسسات الدستورية اللبنانية، مشدداً على ضرورة تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته باعتباره الإطار الشرعي الضامن لحماية السيادة اللبنانية ومنع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
كما يؤكد أن التنفيذ الكامل وغير المجتزأ ومتعدد الأطراف لاتفاق وقف الأعمال العدائية يمثل الآلية العملانية لتطبيق القرار الأممي المذكور. وفي هذا السياق، فإن إسرائيل، كما لبنان، تتحمّل التزامات واضحة بموجب القرار 1701 واتفاق وقف الأعمال العدائية، غير أن استمرارها في الخروق يشكل دليلاً على تنصّلها من هذه الالتزامات ويعرّض الأمن والاستقرار الإقليميين لمخاطر جسيمة.
كذلك، أشار مجلس الوزراء اللبناني إلى أنه أقرّ أهداف الورقة الأميركية بعد إدخال التعديلات المشتركة عليها، وقد حُدد في مقدمة هذه الأهداف تأمين استدامة وقف الأعمال العدائية بما يشمل وقف الخروق الجوية والبرية والبحرية، من خلال خطوات منظمة ومضمونة نحو حل دائم وشامل، وقد استندت الورقة في جوهرها إلى مبدأين أساسيين؛ الأول، تلازم وتزامن الخطوات من جميع الأطراف ضمانةً لحسن النيات وسلامة التنفيذ، والثاني، أن نفاذها مشروط بموافقة كل من لبنان وإسرائيل وسورية على الالتزامات الخاصة بكل منها.
وقال مجلس الوزراء اللبناني في مقرراته إنه "من منطلق الحرص على إتاحة كل الفرص لتحقيق الأهداف التي نصت عليها الورقة، لا سيما ما يتصل بوقف الأعمال العدائية وتحرير الأرض والأسرى وتثبيت وضع حدودي مستقر ودائم وإطلاق ورشة إعادة الإعمار، اتخذ لبنان من طرف واحد خطوتين أساسيتين؛ هما إقرار أهداف الورقة في مجلس الوزراء وإعداد الجيش للخطة الكاملة والمفصّلة لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، غير أنّ الطرف الإسرائيلي لم يبدِ أي التزام حتى الآن بمضمون الورقة ولم يتخذ خطوات مقابلة على الرغم من وضوح ما أنجزه لبنان، وعليه، يوضح لبنان أن أي تقدم نحو تنفيذ ما ورد في الورقة يبقى مرهوناً بالتزام الأطراف الأخرى وفي مقدّمتها إسرائيل".
وكرّر لبنان طلبه إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا للاستمرار في دعم وتيسير تطبيق مضمون الورقة كاملاً، مؤكداً أن الحكومة اللبنانية تلتزم وفقاً لخطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري بإعداد استراتيجية أمن وطني، وذلك في سياق تحقيق مبدأ بسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحصرية السلاح بيد الدولة مع تأكيد حق لبنان بالدفاع عن النفس وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
وزير الإعلام: استمررنا لكن من دون إحداث أي تفجير داخلي
وفي معرض ردّه على أسئلة الصحافيين التي ركّزت على استخدام عبارة ترحيب بدلاً من إقرار، قال وزير الإعلام بول مرقص: "لماذا التوقف عند العبارة، مجلس الوزراء رحّب بالخطة"، سائلاً "ما الفرق بين الإقرار والترحيب؟"، مؤكداً أن "الجيش سيباشر بتنفيذ الخطة، لكن وفق الإمكانات المتاحة التي هي إمكانات لوجستية ومادية وبشرية محدودة في النهاية"، مشيراً إلى أن "قائد الجيش عرض التقييدات المتعلقة بإنفاذ الخطة، وتتعلق بالجيش نفسه وأيضاً بتسهيل وتسيير إمكانية تنفيذ الجيش الخطة، وأول ذلك يكون عبر وقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تعوّق تنفيذ خطة كهذه".
وأضاف مرقص: "الجيش سيتحرك في الإطار المقرّر له بجلسة 5 أغسطس/ آب الماضي، إنما أيضاً له الحق بتقدير عملاني أولاً، وثانياً، هناك أمور بالعلم العسكري شرحها قائد الجيش تتطلب أحياناً وقتاً وجهوداً إضافية وتذليل ما سمّاه بالتقييدات، لكن نحن ماضون بتنفيذ البيان الوزاري وقرارات الحكومة وخطاب القسم بدراية وحرص لما يرتأيه الجيش في إطاره العملاني"، لافتاً إلى أن عرض قائد الجيش تضمن إحصاءات وصوراً وأرقاماً وتوثيقاً، وهذه فرصة لتهنئة الجيش، مع ضرورة حشد دعم دولي لوجستي ومادي له، وتسيير ما أسماه قائد الجيش الوزارات والإدارات في لبنان.
وزير الإعلام اللبناني بول مرقص: الجيش سيباشر تنفيذ خطة حصر السلاح وفق الإمكانات المتاحة
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 5, 2025
#التلفزيون_العربي pic.twitter.com/LuaQN8YktZ
واستبعد مرقص أن تحصل تحركات في الشارع عقب مقرّرات اليوم، "فالناس تريد الاستقرار والسلم وإعادة الإعمار ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وإطلاق الأسرى وبسط الجيش سلطته على كامل الأراضي اللبنانية"، مؤكداً: "إننا لم نقدّم تنازلات وهاجسنا تراب الدولة تحت سلطة الجيش، وإعادة الإعمار ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، وأمور أخرى ونحن سائرون بالاتجاه نفسه".
ونفى مرقص أن تكون الحكومة "صححت" قراراتها ربطاً بمطالب حزب الله وحركة أمل، وتنازلت باستخدام عبارة ترحيب، مضيفاً: "نحن استمررنا، لكن من دون إحداث أي تفجير داخلي، وهنا أوجه التحية للوزراء الزملاء الخمسة الذين تحدثوا كلاماً حميداً وطيباً"، مؤكداً أن خروجهم فقط متصل بهذه الجزئية من الجلسة. وشدد على أن الحكومة لم تبحث عن مخارج، وهي رحّبت بالخطة التي تعني الجيش اللبناني، وهي خطة عسكرية في نهاية المطاف وليست سياسية، والقرار السياسي سبق أن اتخذ من قبل الحكومة.
وفي مستهلّ الجلسة، نوّه الرئيس جوزاف عون "بالدبلوماسية اللبنانية التي واكبت ملف التجديد لقوات يونيفيل بمتابعة حثيثة من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية والمغتربين وبعثة لبنان في نيويورك"، معتبراً أن "هذا القرار يعتبر انتصاراً للبنان بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي رافقته، خصوصاً في ظل اعتراضات عديدة على التمديد لهذه القوات حتى نهاية العام 2027".
وجدّد عون "إدانتنا للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المدن والقرى اللبنانية وتؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى وتدمير منازل ومؤسسات. وآخرها كان في بلدة أنصارية حيث سقط أربعة شهداء". من جهته، شدد رئيس الوزراء نواف سلام على أن أي عملية إصلاحية تجب مواكبتها بمسألة حصر السلاح بيد الدولة و"هو ما التزمنا به في البيان الوزاري". ولفت إلى أنه حرص خلال زياراته الخارجية التي قام بها على حشد الدعم العربي والدولي للضغط على إسرائيل لوقف أعمالها العدائية.