معوقات في طريق المرحلة الثانية من الصفقة واستئناف حرب الإبادة على غزة

20 يناير 2025
جنود إسرائيليون في دبابة أثناء سيرها على طول الحدود مع غزة، 7 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استئناف الحرب على غزة وتحدياتها: يسعى بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية لاستئناف الحرب بعد صفقة تبادل الأسرى، رغم الضغوط لإنهائها بسبب الأعباء. المعارضة تطالب بمناقشة المرحلة الثانية، مما يزيد من تعقيد المشهد.

- الضمانات الأمريكية وتأثيرها: وافقت إسرائيل على الصفقة بناءً على ضمانات أمريكية بالعودة للقتال إذا فشلت المفاوضات، مما يتيح لها الضغط على حماس. التناقض بين أهداف الحرب وإعادة المختطفين يعقد المرحلة الثانية.

- التحديات السياسية والميدانية: إسرائيل دفعت ثمناً كبيراً بسبب هوية الأسرى المفرج عنهم، والفشل في مناقشة مستقبل غزة بعد حماس يعد إخفاقاً سياسياً. مطالبات بنزع سلاح القطاع قد تحظى بدعم دولي، لكن بقاء حماس يعكس فشلاً في تحقيق الأهداف.

قد يضغط الشارع الإسرائيلي نحو إنهاء الحرب بعد أن أنهكته

هارئيل: إعادة المحتجزات تمثّل بداية تصحيح الإخفاق

يسخروف: مشاهد مقاتلي حماس تؤكد حجم الهزيمة السياسية لإسرائيل

يمنّي الوزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش نفسه باستئناف حرب الإبادة على قطاع غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وهذا أمر وارد، وإن كان يبدو صعباً إلى حد ما، فالحرب الحالية كسرت الكثير من القواعد. لكن سموتريتش ليس وحيداً، بوجود وزراء ونواب آخرين في الائتلاف الحكومي ممّن صوّتوا لصالح الصفقة الحالية، يطالبون بالعودة إلى الحرب لاحقاً، لعدم اكتفائهم بحجم الإبادة والدمار الهائل في غزة، وبذريعة القضاء على حركة حماس من أجل تحقيق أهداف الحرب.

في المقابل، قد يضغط الشارع الإسرائيلي بعد نحو عام ونصف من الحرب نحو إنهائها، بعد أن أنهكته على مختلف الصعد وكبّدته أثماناً باهظة، عدا عن الأثمان التي دفعها وما زال جيش الاحتلال. كما بادر أعضاء كنيست من عدة أحزاب بالمعارضة، مباشرة بعد وقف إطلاق النار، منهم غادي أيزنكوت (المعسكر الرسمي)، ورام بن براك (هناك مستقبل) وإفرات ريتين (العمل) للمطالبة بعقد جلسة عاجلة في لجنة الخارجية والأمن لمباشرة المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، وعدم انتظار انتهاء هذه المرحلة التي ستستمر 42 يوماً. وبين هذا وهذاك، فمن المؤكد أن الضبابية تسيطر على المشهد القادم، فيما يرى معلّقون ومسؤولون إسرائيليون أن الكثير من الآتي متعلّق بإرادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي صحيفة معاريف العبرية، كتبت مراسلة ومحللة الشؤون السياسية آنا بيرسكي أن موافقة عدد كبير من أعضاء الحكومة على المرحلة الأولى من الصفقة جاءت "لأنهم يعتقدون أن المرحلة الثانية لن تتحقق.. يعتقدون أنها ستفشل لسبب طبيعي واحد، هو أن التناقض بين هدفي الحرب، تدمير حماس وطردها عسكرياً وسياسياً من غزة، (ومن جهة أخرى) إعادة جميع المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين) لم يختف ولم يُلغ". وبرأيها، فإن ما سمح لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بإقناع وزراء الحكومة بقبول الصفقة، "دون تشويه الواقع"، هو "وجود ضمانات أميركية بأن إسرائيل ستعود للقتال إذا فشلت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة".

وأوضحت أن "ما قاله الأميركيون للإسرائيليين ليس وعداً واضحاً، بل تعاون في التقييم. والتقييم هو أنه خلال المفاوضات، عندما تضع إسرائيل أمام حماس مطلب مغادرة غزة، إذا لم يكن فعلياً فعلى الأقل سياسياً، فإن حماس إما ستتعاون أو ستفجّر كل شيء. وفي كلتا الحالتين، سيتمكن نتنياهو من التوجه إلى الجمهور، وقبل الجمهور إلى شركائه المتشككين، ويقول: لقد وعدت ووفيت". 

صعوبة استئناف القتال

المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، اعتبر أن إعادة المحتجزات تمثّل بداية تصحيح الإخفاق، متسائلاً إن كان ذلك الأمر سيستمر. وأضاف أن المشاهد التي جاءت من غزة، خلال تسليم المحتجزات الثلاث، ربما تكون مشاهد "بداية النهاية... والخروج من الحرب الملعونة التي هزّت حياة الإسرائيليين والفلسطينيين منذ مذبحة 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وبدأت المرحلة الأولى من صفقة المختطفين وقد تنتهي بنجاح في غضون ستة أسابيع. من الواضح أن الانتقال إلى المرحلة الثانية سيكون أصعب. ليس من المؤكد أن قادة الجانبين مهتمون بذلك. ومع ذلك، ربما نكون قد بدأنا أمس في مسار إتمام الصفقة وإنهاء الحرب، بتشجيع حثيث من دونالد ترامب".

من ناحية أخرى، يقول الكاتب "هناك حركة داخلية في شمال القطاع، بين مدينة غزة وجباليا وبيت حانون، التي انسحبت منها قوات الجيش الإسرائيلي في نهاية الأسبوع. بمجرد إخلاء محور نتساريم نهائياً، سيبدأ تدفق الحشود شمالاً، أكثر من مليون شخص وفقاً للتقديرات. ثم، حتى إذا انهارت الصفقة في الأسابيع الستة المقبلة، سيجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في العودة للقتال".

ويرى أن "النقاش حول العودة إلى الحرب، التي قد تحدث في نهاية المرحلة الأولى من الصفقة بعد ستة أسابيع، هو حالياً نظري في الأساس. المفتاح لذلك في يد ترامب. الوعود العديدة التي قدّمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للوزير بتسلئيل سموتريتش، لضمان بقاء حزب الصهيونية الدينية في الحكومة حتى نهاية المرحلة الأولى، ستتعارض لاحقاً مع مطالب ترامب. إذا أصر الرئيس على أن الحرب في غزة يجب أن تنتهي، سيجد نتنياهو صعوبة في معارضة رغبته".

واعتبر هارئيل أن إسرائيل دفعت ثمناً كبيراً في الصفقة بسبب هوية بعض الأسرى الذين ستشملهم. وأضاف أن "كل من تابع الوضع في القطاع، ولم ينخدع بتصريحات نتنياهو وتلاعباته، كان يمكنه أن يتوقع منذ فترة طويلة أن هذه ستكون نتيجة الحرب. الحقيقة المحزنة هي أن إسرائيل خسرت الحرب إلى حد كبير في 7 أكتوبر 2023. كل ما فعلته منذ ذلك الحين كان محاولة لتقليل بعض الأضرار. ولإتمام صفقة لإطلاق سراح جميع المختطفين، كان عليها تقديم تنازلات كبيرة. والجزء الثاني من الصفقة سيشمل أسرى أكثر خطورة، وأكثر دموية، من الذين تم الإفراج عنهم في المرحلة الأولى". وخلص إلى أن "أحد الأسباب الرئيسية للوضع الذي وصلنا إليه هو الرفض المستمر لنتنياهو لمناقشة أي حل يتعلق بيوم ما بعد حماس في القطاع، وخاصة أي تدخل للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة".

مطلبان أساسيان

المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي يرى أن "الفرحة العارمة التي اجتاحت.. مواطني دولة إسرائيل" عند رؤية إطلاق سراح المحتجزات "تشكّل إشارة واضحة للحكومة وقادة الأمن بأنه يجب إعادة الجميع، حتى آخر المختطفين، وخاصة أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة، وإلا فإن هذا الجرح سيظل مفتوحاً وستكون له تداعيات مدمّرة على تماسك المجتمع في إسرائيل وعلى معنوياته. لن يكون أي نصر عسكري كاملاً، وسيتضرر أمن الدولة إذا لم تتم إعادة جميع المختطفين إلى الديار. وهذا على الرغم من الفهم الواضح بأن ذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة قد تكلف ثمناً باهظاً بسبب الإفراج الجماعي عن المخرّبين (على حد تعبيره)... لذلك، يجب الاستعداد بجدية للمفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، مع العلم أنها قد تؤدي إلى هدنة طويلة الأمد". واعتبر أن مصطلحات مثل "القضاء على حماس" و"النصر المطلق" هي "تعبيرات مجرّدة من مجال الأدب والشعر وليست مطالب تضعها حكومة مسؤولة أمام عدو أيديولوجي شديد". وعليه، فإن "تخلّي حماس عن السيطرة المدنية الملموسة ونزع سلاح القطاع، يجب أن يكونا في صميم موقف إسرائيل تجاه المرحلة الثانية. من المؤكد أنهما سيكونان مقبولين على الإدارة الأميركية للرئيس المنتخب دونالد ترامب وكذلك من المجتمع الدولي. لا أحد يمكنه الاعتراض على مطلب إسرائيل نزع سلاح القطاع".

أكبر فشل... حماس بقيت قائمة

في ذات الصحيفة، علّق الكاتب والصحافي آفي يسخروف أن مشاهد مقاتلي المقاومة من حركة حماس في غزة، وقت تسليم المحتجزات، "تؤكد حجم الهزيمة السياسية لدولة وحكومة اختارت إبقاء حكم حماس في غزة، حتى بعد 15 شهراً من الحرب. حماس بقيت قائمة. كان هذا هو الهدف الرئيسي لحماس منذ بداية الحرب، وعلى الرغم من أن الحكومة برئاسة نتنياهو أعلنت أنها ستعمل على القضاء عليها، إلا أن المنظمة لم تنج عسكرياً فحسب، بل بقي حكمها قائماً، ويرجع ذلك جزئياً إلى حكومة إسرائيل. لعدة أشهر، رفض نتنياهو ووزراؤه بشدة مناقشة إنشاء بديل حكومي لحماس. على الرغم من أن العديد من الجهات الأمنية حذّرت من ضرورة القيام بذلك، لكي لا تكون هذه الحرب بلا جدوى، كما حذّر العديد من المحللين والخبراء من الأمر أيضاً، إلا أن نتنياهو لم يرغب في ذلك".

واعتبر يسخروف أن "هذا هو أكبر فشل في هذه الحرب، فشل عام 2024. الفشل الاستخباراتي في 7 أكتوبر معروف بالفعل، لكن أكبر فشل سياسي هو الإهمال المتعمد والواعي للحكومة فيما يتعلق باليوم التالي للحرب. ها نحن قد وصلنا إلى اليوم التالي، حتى لو كان بشكل مؤقت، ودولة إسرائيل تستيقظ من كابوس إلى نفس الكابوس. على الجانب الآخر من الحدود، ستستمر حماس في الحكم، وبناء الأنفاق، وتجنيد المزيد من الأشخاص، دون أن يكون لها بديل محلي".

المساهمون