استمع إلى الملخص
- تسلل مسلحون لبنانيون إلى نقطة تابعة للجيش السوري، مما أدى إلى اشتباكات وسقوط قتلى. استخدم الجيش السوري طائرات الاستطلاع لتمشيط المنطقة مع التنسيق مع الجيش اللبناني.
- تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث نفذ جيش الاحتلال هجمات على الجنوب اللبناني. يعمل الجيش اللبناني على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع الأمم المتحدة، بينما يشدد حزب الله على عدم السماح بترسيخ معادلات جديدة.
يسود هدوء حذر منذ ساعات الصباح الحدود اللبنانية السورية، بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومسلّحين لبنانيين سُجِّلت عقب مقتل ثلاثة عناصر من وزارة الدفاع السورية في منطقة القصر، أمس الأحد، واتهام مجموعة تتبع لحزب الله بتصفيتهم، وذلك فيما نفى الأخير علاقته بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية. وقال رئيس بلدية القصر محمد زعيتر لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع حالياً هادئ على الحدود، والجيش اللبناني ردّ ليلاً على مصادر النيران، كما استقدم تعزيزات عسكرية على الحدود ويعمل على تهدئة الوضع"، لافتاً إلى أنّ "بعض العشائر ردّت من الجانب اللبناني أيضاً على مصادر النيران". وأشار زعيتر إلى أنّه "سُجِّل نزوح للمواطنين إلى مناطق مجاورة نتيجة الاشتباكات ومقتل طفل وسقوط عدد من الجرحى إصاباتهم طفيفة".
وقتل عشرة أشخاص في حصيلة أولية منذ بدء الاشتباكات عند الحدود اللبنانية-السورية، مساء أمس الأحد، حيث توقفت الاشتباكات صباح اليوم الاثنين. وقال مصدر ميداني في الجيش السوري لـ"العربي الجديد"، إنه مساء أمس "تسلل عناصر مسلحون من الجانب اللبناني إلى نقطة (الهجانة) التابعة للجيش السوري في ريف حمص الغربي قرب الحدود اللبنانية-السورية، واختطفوا 3 عناصر من الجيش السوري، إضافة إلى مدني يعمل في رعي الأغنام"، ولفت إلى أن المسلحين ينتمون إلى حزب الله، كما أكدت المصادر العسكرية.
وذكر المصدر أن "العناصر المختطفين قتلوا داخل الأراضي اللبنانية، وتم تسليم جثثهم إلى الجيش اللبناني، الذي بدوره سلمها إلى الجيش السوري". وأضاف أن "اشتباكات اندلعت بعد الحادثة، حيث استهدفت مجموعات مسلحة، يُعتقد أنها تابعة لحزب الله، مواقع للجيش السوري في المنطقة الحدودية بصواريخ موجهة، ما أسفر عن سقوط قتلى في صفوف الجيش السوري، وبلغت الحصيلة النهائية عشرة قتلى، بينهم ثمانية عسكريين واثنان من المدنيين يعملان في رعي الأغنام".
وأكد المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه "بعد توقف الاشتباكات في المنطقة بدأ الجيش السوري باستخدام طائرات الاستطلاع في تمشيط المنطقة"، لافتا إلى أن الجيش السوري حافظ على بقائه ضمن الأراضي السوري دون أي تقدم داخل الأراضي اللبنانية، وسط تنسيق مباشر ما بين وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني.
وفي بيان أصدره صباح اليوم الاثنين، أفاد الجيش اللبناني بأنه "بتاريخ أمس، بعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر - الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل الأحد - الاثنين حتى ساعات الصباح الأولى، وسلم بنتيجتها الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري".
وأضاف "في موازاة ذلك، تعرضت قرى وبلدات لبنانية في المنطقة للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني"، مشدداً على أنّ "الاتصالات مستمرّة بين قيادة الجيش والسلطات السورية لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية".
وأشارت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "التنسيق مستمرّ منذ الأمس مع الأجهزة العسكرية من أجل إعادة ضبط الوضع الأمني على الحدود مع سورية، وكذلك الاتصالات مع الجانب السوري لضبط الأمن، والجيش اللبناني يقوم بدوره، ومهامه، وسيقوم بكل ما يلزم من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة".
ولفتت المصادر إلى أنّ "الجيش اللبناني عزّز انتشاره على الحدود وكثّف من دورياته واتخذ جملة تدابير من أجل ضبط الأمن، وهو على جهوزية تامة للتصدّي لأي خطر، والتحديات أمامه كبيرة سواء على الحدود السورية اللبنانية وكذلك الجنوبية مع فلسطين المحتلة التي شهدت أمس تمادياً إسرائيلياً في انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار، والسلطات اللبنانية تواصل اتصالاتها مع الجانب الأميركي بالدرجة الأولى من أجل الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها والانسحاب الكامل من لبنان".
عون يوجه الجيش اللبناني بالرد على مصادر النيران
إلى ذلك، قال الرئيس اللبناني جوزاف عون، إن "ما يحصل على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لا يمكن أن يستمر ولن نقبل باستمراره، وقد أعطيتُ توجيهاتي للجيش اللبناني بالردّ على مصادر النيران". وذكرت الرئاسة اللبنانية، أن عون "اتصل بوزير الخارجية يوسف رجي الموجود في بروكسل وطلب منه التواصل مع الوفد السوري المُشارك في المؤتمر التاسع لدعم مستقبل سورية للعمل على معالجة المشكلة القائمة بأسرع وقت ممكن بما يضمن سيادة الدولتين ويحول دون تدهور الأوضاع".
من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب الله لم يقتد أي عناصر سورية إلى داخل الأراضي اللبنانية، ولم يقم بتصفية أحد، ويجدد تأكيده أن لا علاقة له بالأحداث التي جرت على الحدود أمس"، محذراً من أي محاولة لجرّ لبنان إلى أي أحداث أمنية سيكون لها تداعيات خطرة جداً.
وأشار المصدر إلى أنّ "الجيش اللبناني والدولة اللبنانية مطالبون اليوم بتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة الأرض والعمل على إبعاد أي خطر عنها".
إيران: الكيان الإسرائيلي الرابح الوحيد
وفي معرض رده على التوترات العسكرية على الحدود اللبنانية السورية، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عن أسفه لبلوغ الوضع الراهن بين دول المنطقة والجيران إلى هذا المبلغ، مؤكدا أن "الكيان الصهيوني هو المنتفع والرابح الوحيد من هذه التطورات"، قائلا إن هذا الكيان "يتمنى تقسيم سورية وإضعاف الدول الجارة والمنطقة".
وأضاف بقايي أن حزب الله اللبناني "قد أصدر بيانا واضحا" بشأن الاشتباكات على الحدود ورفض الاتهامات الموجهة إليه بإطلاق النار من الجانب اللبناني إلى الجانب السوري.
تواصل الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار
على الجانب الآخر، تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد تنفيذ جيش الاحتلال سلسلة هجمات أمس الأحد، على الجنوب اللبناني، أسفرت عن استشهاد 4 أشخاص.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن سقوط شهيد في بلدة يحمر في حصيلة أولية، جراء غارة للاحتلال على سيارة فان. وفجر اليوم الاثنين، خرقت قوة إسرائيلية الأراضي اللبنانية في بلدة عيتا الشعب في محيط خلة وردة وحدب عيتا، وذلك في وقت استمرّ تحليق طيران الاحتلال على علو منخفض في أجواء الجنوب وكذلك العاصمة بيروت حتى ساعات الصباح.
في الإطار، قال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إن "مسؤولية الجيش في المرحلة الراهنة شديدة الأهمية، من خلال عمله على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل فضلاً عن تحصين ساحتنا الداخلية من خطر الإرهاب".
وأضاف هيكل اليوم بمناسبة تسلّمه قيادة الجيش أنّ "التحديات التاريخية التي تواجهنا، وعلى رأسها التهديدات والاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، تبقي رهان العهد الجديد كما رهان اللبنانيين كافة على صمودنا واستمرارنا ونجاحنا في توفير الأمن والاستقرار، اللازمين لانطلاق بلدنا في طريق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي".
وتوجه هيكل إلى الجيش بالقول إن "مواصلة الجيش أداء دوره الضامن للوطن، تستلزم تضافر جهودنا جميعاً كإخوة سلاح، ضباطاً ورتباء وأفراداً، وتمسُّكنا بالثّوابت الوطنيّة، وإيماننا الثابت برسالة الجندية وقدسية الواجب، وإرادتنا الصلبة التي لا تلين".
نائب عن حزب الله: لن نسمح بترسيخ معادلات جديدة
في غضون ذلك، قال عضو كتلة حزب الله البرلمانية "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين إنّ "العدو الإسرائيلي تفلت من كل الاتفاقيات ولا يعنيه التفاهم شيئاً، وهو إنما ينطلق في ذلك من مبدأ أن ميزان القوى قد اختل لمصلحته ما يمنحه القدرة على العمل مطلق اليدين والقيام بما يريده وبما يستطيع عليه، لهذا يقوم بالاعتداءات يومياً إما من خلال تنفيذ عمليات الاستهداف للسيارات المدنية عبر المسيّرات والتي ينتج عنها ارتقاء شهداء من المواطنين اللبنانيين، وإما من خلال الاعتداء بغارات الطيران الحربي التي تستهدف القرى".
وشدد عز الدين على أنّ "هذه الممارسات بما تمثله من عنف وإرهاب وعدوان يومي على لبنان، إنما تشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وللأرض اللبنانية وللاتفاقات والتفاهمات التي أُبرمت والتي يضرب بها عرض الحائط".
وأضاف: "هذا العدوان بالتأكيد لن يبقى ولن يستمر إلى الأبد، وهذه الممارسات بالحقيقة تستوجب على الدولة اللبنانية حماية أهلها وناسها وشعبها ومواطنيها، وتأمين الحماية لهم من خلال الطرق الدبلوماسية مع أصدقائهم وحلفائهم والمجتمع الدولي، وإذا لم يتحقق أثر لهذه العلاقات والدبلوماسية، فسيكون من حق شعبنا وأهلنا وناسنا أن تمارس ما تستطيع في مواجهة هذا العدو لوضع حد له ولممارساته، لأن بقاء هذه الاعتداءات اليومية التي يسقط فيها شهداء وتنتهك السيادة والأرض والاستقلال والكرامة الوطنية هو أمر مرفوض، كما أن الجيش اللبناني يرفضه، وهو على استعداد للقيام بواجبه الوطني ومسؤوليته في حماية الناس والدفاع عن هذا الوطن".
وأشار إلى أن "المقاومة لن تبقي الأمور على ما هي فيما لو تقاعست الحكومة ولم تقم بواجبها ومسؤوليتها الوطنية، وهذه المقاومة لن تسمح بترسيخ معادلات جديدة يريد أن يفرضها العدو على لبنان وعلى اللبنانيين وعلى أهلنا وعلى المقاومة، لذلك هذه فرصة للدولة وللحكومة وفي نهاية المطاف سيكون لها وقت، وسنجد فيما بعد أن المقاومة هي التي ستتصرف من خلال قيادتها وحكمة وشجاعة قيادتها وستقوم بمسؤوليتها وواجباتها الوطنية في هذا البلد، وفي الوقت المناسب".
كذلك، توقف عز الدين في موقف وزّعه إعلام حزب الله، اليوم الاثنين، عند ما يثار في مسألة التطبيع مع العدو، فلفت إلى أن "العدو الصهيوني وبالتنسيق مع الأميركي يعمل على جسّ النبض حول النقاط المحتلة والمختلف عليها عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وهو يريد أن يكون هناك تفاوض ولجان دبلوماسية وسياسية تجلس على طاولة واحدة للبحث فيها وليرى ما إذا كان التطبيع سيمرّ".
وقال "أمام هذه المحاولات، على الحكومة اللبنانية أن تقدم الموقف، ونحن ننصح بعدم الانزلاق إلى ما يريده العدو على الإطلاق حتى لا نصل في نهاية المرحلة لشيء من هذا التطبيع، وقبل أن يخرج العدو من هذه الأرض يجب أن تفرض الحكومة شروطها، وإلا فإن أي تفاوض في هذا السياق سيكون مداناً ومورد تشكيك حتى لا نصل إلى ما لا تحمد عقباه".