استمع إلى الملخص
- شهدت الفترة الأخيرة إضرابات بارزة مثل إضراب عبد الخالق فاروق ومحمد عادل، مما يعكس تدهور الأوضاع داخل السجون المصرية واستخدام الإضراب عن الطعام للفت الانتباه.
- تُمنع الزيارات العائلية بشكل تعسفي، مما يزيد من عزلة السجناء، وقد انتقدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات هذه الإجراءات التي تُفاقم معاناة السجناء.
يعدّ إضراب السجناء في مصر عن الطعام، سلاحاً لدفع الانتهاكات المُمنهجة التي يتعرّضون لها، ووسيلة لرفع الظلم والمطالبة بحقوقهم، خاصة في ظل ظروف الاحتجاز القاسية وغير الآدمية التي يتعرّضون لها والتي من ضمنها؛ الإهمال الطبي، وعدم تقديم الرعاية الصحية، والحبس الانفرادي التعسفي، ومنع الزيارات العائلية، وغيرها من ضروب المعاناة التي ما فتئت المنظمات الحقوقية المصرية تدق ناقوس الخطر بشأنها.
وفي أحدث قرارات الإضراب عن الطعام، أعلن الخبير الاقتصادي المصري، عبد الخالق فاروق، في التاسع من يناير/ كانون الثاني الجاري، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، اعتراضاً على استمرار حبسه وسوء أوضاع الاحتجاز، وذلك أثناء انعقاد جلسة النظر في أمر تجديد حبسه، أمام نيابة أمن الدولة، على ذمة القضية رقم 4937 لسنة 2024.
وقبله، دخل الناشط السياسي محمد عادل، في إضراب عن الطعام يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اعتراضاً على قرار إدارة سجن جمصة شديد الحراسة بمنعه من حقه القانوني في امتحانات دبلوم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وذلك بعد أن دخل عامه الثاني عشر داخل السجون في قضايا رأي مختلفة بين حبس احتياطي ومراقبة وأحكام.
ومن خلال تتبع وإلقاء الضوء على الظروف التي يعايشها السجناء في مصر إلى جانب معاناة الأهالي خلال الزيارات، حاولت المفوضية المصرية للحقوق والحريات الإجابة عن سؤال "لماذا يضرب السجناء؟"، واعتبرت، في تقرير أول من أمس الخميس، أنّ عدم تقديم الرعاية الصحية هو أحد أسباب إضراب السجناء عن الطعام؛ إذ يعد "الإهمال الطبي أو الامتناع عن تقديم العلاج هو أحد الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها السجناء داخل السجون المصرية، بسبب الإهمال والتعنت من قبل مسؤولي السجن من جهة، ومن جهة أخرى المستشفيات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من البنية الأساسية في السجون القديمة، إلى جانب التعنت في النقل إلى مستشفيات خارج السجن".
وأشارت المفوضية في تقريريها، إلى أنه بحسب المادة (37) من اللائحة الداخلية تعتمد السجون في التعامل مع الحالات الطارئة بصورة أساسية على طبيب السجن، وبصرف النظر عن سلطاته المقيدة من قبل الإدارة، إلا أن الوصول إليه في الأصل بحالات الطوارئ هو أمر من الصعوبة تحققه، خاصة مع نقل السجناء إلى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، إذ ازداد الأمر سوءاً فيما يخص التعامل مع الحالات الطبية الطارئة، لا سيما مع التقليص المتطرف للتعامل البشري داخل تلك المراكز، مشيرة إلى أنّ تعامل السجناء مع الإدارة يكون من خلال "إنتركوم" مثبت داخل الزنازين، وتتعامل الإدارة من خلال سماعات داخل الزنازين أيضاً، وعادة لا تستجيب لاستغاثات السجناء في حال وجود حالات طبية طارئة.
وبحسب تصريحات أهالي السجناء للمفوضية، قد تستجيب الإدارة بعد نداءات واستغاثات السجناء بـ 6 ساعات على أقل تقدير، وهو ما يساهم، جزئياً، في ارتفاع أعداد الوفيات التي تقدر بحوالي 131 حالة في الفترة ما بين عام 2022 إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
وكانت أوضاع الزيارات العائلية داخل السجون، سبباً آخر لإضراب السجناء السياسيين عن الطعام، حسب الجزء الثاني من سلسلة المفوضية المصرية، "لماذا يضرب السجناء؟"، والتي من خلالها تلقي الضوء على الأسباب التي تدفع السجناء في مصر إلى الإضراب عن الطعام.
إذ تنص المادة 24 من قانون تنظيم السجون على أنه "يجوز أن تمنع الزيارة منعاً مطلقاً أو مقيداً بالنسبة إلى الظروف في أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن"، وهو ما اعتبرته المفوضية "نصاً غامضاً يوسع صلاحيات قطاع مصلحة السجون في منع الزيارات دون وجود أسباب تستدعي ذاك المنع"، بخلاف المادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن "للنيابة العامة ولقاضي التحقيق في القضايا التي يُندب لتحقيقها في كل الأحوال أن يأمر بعدم اتصال المتهم المحبوس بغيره من المسجونين وبألا يزوره أحد وذلك بدون إخلال بحق المتهم بالاتصال دائماً بالمدافع عنه بدون حضور أحد".
ويواجه مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد عاصفة كبيرة من الانتقادات الحقوقية، بينما يستعد مجلس النواب المصري لاستئناف مناقشة مواد مشروعه الجنائية، غداً الأحد.