الإبادة البيئية في غزّة.. إسرائيل دمّرت مساحات عيش الأجيال القادمة

04 فبراير 2025
الدمار البيئي كبيرٌ في غزة، 23 يناير 2025 (داود أبو الكاس/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023 في "إبادة بيئية"، حيث دمرت 70% من الأراضي الزراعية وتعرضت لهجمات بالفوسفور الأبيض، مما يجعل الأنشطة الزراعية المستقبلية مستحيلة، وتضررت البنية التحتية للمياه والهواء.
- تجاوز الدمار البيئي في غزة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية لـ 26 دولة، وزادت الأمراض المعدية بسبب نقص المياه، ودُمرت 80% من المنازل، مما يعرض السكان للملوثات، وتقدر الأمم المتحدة أن إزالة الأنقاض ستستغرق 20 عاماً.
- أكد الخبراء على ضرورة استعادة خدمات المياه والصرف الصحي وإزالة الأنقاض السامة، وإنهاء الهجمات والاحتلال، وضمان الوصول إلى الأغذية والمياه النظيفة، واستعادة التربة والنظم البيئية لتحقيق التعافي البيئي.

تسبّبت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بـ "إبادة بيئية" لا يُمكن أن تُعالج بحسب ما يقول خبراء يتوقعون أن يؤثر ذلك على عيش الأجيال القادمة، ذاك أن "70% من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها فلسطينيو غزة اقتصادياً دُمّرت وتعرّضت لهجمات إسرائيلية بالفوسفور الأبيض ما يجعل الأنشطة الزراعية المستقبلية مستحيلة في المنطقة".

قالت أميرة عكر، الخبيرة البيئية في جامعة بوسطن: "نرى في غزة تدميراً هائلاً لعناصر بيئية مختلفة، وأضراراً تختلف عن تلك الاعتيادية في النزاعات المسلحة. قُصفت البُنى التحتية للمياه والآبار واقتُلعت الأشجار، كما أنّ استخدام الفوسفور الأبيض سيجعلُ أي أنشطة زراعية مستقبلية مستحيلة لأن طبقات التربة تضرّرت. وبالنسبة إلى المباني لا يخلق تدميرها مشكلة نفايات فحسب، بل يلوّث الهواء لأن الغبار والأوساخ لا تأتي من مواد البناء فقط، بل أيضاً من الأسلحة نفسها".

وأشارت إلى أن "الدمار الذي حدث في الأشهر الثلاثة الأولى تجاوز إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية لـ 26 دولة، علماً أن طلعات سلاح الجو الإسرائيلي فوق غزة سببت أيضاً زيادةً هائلةً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وعموماً كانت توقعات ما قبل عام 2020 تشير إلى أن غزة ستصبح غير صالحة للسكن بسبب الأضرار التي لحقت بطبقات المياه الجوفية، أما عدم وجود مياه خلال الأشهر الأخيرة فزاد حالات الإسهال والأمراض المعدية المختلفة، ما سيؤثر على الأطفال طوال حياتهم".
وذكرت أيضاً أن "80% من المنازل في القطاع دُمرت، وسيتعرض الأطفال والنساء الحوامل الآن لمختلف الملوثات البيئية والجسيمات الدقيقة ومواد البناء مثل الأسبست والمواد الكيميائية الموجودة في الأسلحة"، وتابعت: "تقدر الأمم المتحدة بأن إزالة الأنقاض سيستغرق 20 عاماً، وأن التكلفة ستناهز 1.5 مليار دولار، وإسرائيل باعتبارها قوة محتلة تتحمّل مسؤولية إصلاح الأضرار البيئية، وأيضاً المجتمع الدولي لأنه لم يستطع منع الحرب".

وقال البروفيسور ليزلي لندن، من جامعة كيب تاون: "تتمثل الاحتياجات الأولية لمعالجة الدمار البيئي بغزة في استعادة خدمات المياه والصرف الصحي، في حين تعتبر إزالة الأنقاض وتنظيفها أولويةً". تابع: "يجب التفكير في الصعوبات التي واجهها العمال الذين نظفوا أنقاض برجَي مركز التجارة العالمي في نيويورك بعد اعتداءات 11 أيلول، وضربُ نسبتها مئة مرّة في غزة. إنّ أكثر من 60% من المباني دُمرت، ومعظم بقايا الأنقاض مواد سامة، وبالنسبة إلى مضخات نظام الصرف الصحي ومحطات تحلية المياه فيجب توفير الكهرباء، أما المياه الجوفية في غزة فكانت مالحة أصلاً، ولا نعرف الآن مدى تلوّث طبقة المياه".
وأبدى قلقه من تأثيرات النفايات الخطرة على صحة النساء والحوامل والأطفال الذين لم يولدوا بعد، وتوقع أن "يكون عدد القتلى نتيجة القصف والحصار مجرد قمة جبل الجليد مقارنة بعدد الذين سيموتون بسبب الأمراض".

من جهتها أكدت الدكتورة أحلام أبو عوض من قسم علم الأوبئة في كلية جيزيل للطب بجامعة دارتموث، أن "إصلاح الدمار والتدهور البيئي في غزة سيستغرق عقوداً، وسيؤثر على الأجيال القادمة، ويجب أن تكون الخطوة الأولى إنهاء الهجمات والاحتلال والحصار غير القانوني".

وشدّدت على أن "الوصول إلى الأغذية والمياه النظيفة والدواء سيكون أمراً حاسماً خلال الأشهر المقبلة على صعيد الصحة العامة، والتخلصُ من النفايات الصلبة وإصلاحُ أنظمة الصرف الصحي وإعادةُ التدوير أمورٌ مهمة جداً للحدّ من الأمراض المعدية ومنع المزيد من الأضرار البيئية". وأضافت: "يجب استعادة التربة من خلال استخدام السماد الطبيعي والمياه الأقل ملوحة، والأراضي الزراعية، وإعادة زراعة الأنواع النباتية المحلية، واستعادة النّظم البيئية للغابات والسواحل، وهذه أمور بالغة الأهمية للتعافي البيئي على المدى الطويل".

(الأناضول)

المساهمون