السلطات الألمانية تأمر بترحيل 3 أوروبيين وأميركي لدعمهم فلسطين

02 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 15:12 (توقيت القدس)
تظاهرة في ألمانيا دعماً لفلسطين، بون، 19 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت السلطات الألمانية قرارًا بترحيل أربعة أشخاص، بينهم مواطن أمريكي وثلاثة من مواطني الاتحاد الأوروبي، بسبب مشاركتهم في احتجاجات مؤيدة لفلسطين، مما أثار جدلاً حول حرية التنقل في الاتحاد الأوروبي.
- يحاول محامو المواطنين الأيرلنديين، بيرت موراي وشين أوبراين، وقف الترحيل، مشيرين إلى أن الأوامر تقوض الحريات المدنية، حيث لم تصدر أي إدانات جنائية بحقهم.
- انقسمت السلطات الألمانية حول قانونية الترحيل، حيث اعترض مسؤول في مكتب الهجرة، بينما أصرت إدارة الداخلية في برلين على تنفيذ الأوامر بناءً على تقييم فردي.

أصدرت السلطات الألمانية في مارس/آذار الماضي، أمراً بترحيل أربعة أشخاص، أحدهم أميركي والثلاثة الآخرون من مواطني الاتحاد الأوروبي، أحدهم من بولندا والآخران من أيرلندا، مطالبة المعنيين بالقرار بمغادرة ألمانيا قبل 21 إبريل/نيسان الحالي، بموجب قانون الهجرة الألماني، وذلك على خلفية مشاركتهم في احتجاجات مؤيدة لفلسطين، رغم أن قوانين الاتحاد الأوروبي تتيح لمواطني الاتحاد الأوروبي حرية التنقل بين الدول الأعضاء.

ويحاول محامو المواطنين الأيرلنديين الحصول على أوامر قضائية لوقف تنفيذ الترحيل، واستئناف القرار، مثيرين مخاوف من أن أوامر الترحيل هذه تقوض الحريات المدنية لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في ألمانيا، حيث لم تصدر أية إدانات جنائية بحقهما في المحاكم الألمانية، وفقاً لما نقلته "ذي آيريش تايمز" أمس الثلاثاء.

المحامي غورسكاي: حكومة ولاية برلين تتخطى حدود القانون الأوروبي الذي يجعل إصدار أوامر ترحيل لمواطني الاتحاد الأوروبي أمراً صعباً للغاية

المواطنان الأيرلنديان، بيرت موراي (31 عاماً) وشين أوبراين (29 عاماً)، المقيمان في برلين، كانا يشاركان في احتجاجات داعمة للفلسطينيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجرى اعتقال أوبراين من قبل الشرطة الألمانية أثناء احتجاج في برلين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما اتُّهم موراي باستخدام شعارات محظورة لدعم الفلسطينيين في غزة خلال التظاهرات.

ما دور المواطنين الأيرلنديين في احتجاجات غزة؟

انتقل موراي إلى برلين في مايو/أيار 2022، حيث يعمل في مقهى إلى جانب عمله فناناً. أما أوبراين، فيتقن الألمانية ويعمل مهندس برمجيات، ويعيش في ألمانيا منذ عدة سنوات. وعندما بدأت التظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، كان كلاهما يقيمان في نويكولن، وهو حي في برلين يضم مجتمعاً كبيراً من المهاجرين من الشرق الأوسط.

في أحد الاحتجاجات في أكتوبر 2024، تعرّض أوبراين لضربة في وجهه من قبل ضابط شرطة، مما تسبّب في كسر أنفه

عمل أوبراين متطوعاً لتنظيم الاحتجاجات، وقال إنه كان يساعد في إبقاء المتظاهرين على الطريق، ومنعهم من السير على الرصيف، بالإضافة إلى تهدئة أي توترات. وفي أحد الاحتجاجات في أكتوبر 2024، تعرض أوبراين لضربة في وجهه من قبل ضابط شرطة، مما تسبّب في كسر أنفه. وشاهدت صحيفة "ذي آيريش تايمز" لقطات فيديو تؤكد الحادث. وقد مثل أوبراين أمام المحكمة سابقاً بتهمة إهانة ضابط شرطة، حيث اتُّهم بنعته بـ"الفاشي"، لكنه بُرئ من التهمة. ولا تزال هناك تهم أخرى معلقة ضده.

أما موراي فقد شارك في العديد من الاحتجاجات، وتلقى لاحقاً رسائل من الشرطة تتهمه بارتداء قميص يحمل عبارة "من ريسا إلى شبري" (وهي تحوير لعبارة "من النهر إلى البحر" المحظورة في ألمانيا)، في إشارة إلى مطعم دجاج شهير في برلين. وقد جرى إسقاط التحقيق لاحقاً. 

ما مبررات الترحيل؟

وتزعم السلطات الألمانية في أوامر الترحيل أن سلوك المواطنين الأيرلنديين يمكن اعتباره دعماً، "وإن كان بشكل غير مباشر"، لمنظمات مثل حماس وكيانات مؤيدة لحماس في ألمانيا وأوروبا، الأمر الذي ينفيه المواطنان الأيرلنديان، وقال موراي: "أنكر جميع الاتهامات الموجهة ضدي". أما أوبراين، فقد رفض الادعاءات المتعلقة بمعاداة السامية المذكورة في أمر ترحيله، واصفاً إياها بأنها "خالية من أي أخلاق لدرجة أنها لا تستحق الرد".

ويصف المحامي ألكسندر غورسكاي، من المركز الأوروبي للدعم القانوني، التهم بأنها "لا أساس لها من الصحة"، معتبراً أن أوامر الترحيل تمثل "تجاوزاً" من سلطات برلين لاختبار مدى قدرتها على فرض قرارات كهذه. وأوضح أن الأوامر تستند إلى تهم لم يُدن بها المتهمون بعد، وهو ما يشير إلى أن حكومة ولاية برلين تتخطى حدود القانون الأوروبي الذي يجعل إصدار أوامر ترحيل لمواطني الاتحاد الأوروبي أمراً صعباً للغاية. وأضاف أن هذه الأوامر ليست "أوامر طرد"، وإنما "إلغاء لحق حرية التنقل"، وهو إجراء يتطلب معايير قانونية صارمة جداً. وقال: "الأمر المثير هنا هو أن جميع المتأثرين، ثلاثة منهم مواطنون في الاتحاد الأوروبي، لم يُدن أي منهم بأي جريمة".

انقسام ألماني بشأن ترحيل مواطني الاتحاد الأوروبي

من جهة أخرى، أظهرت مراسلات داخلية، اطلعت عليها "ذي آيريش تايمز"، أن مسؤولاً في مكتب الهجرة في برلين اعترض على طلب صادر من إدارة الداخلية في برلين لتنفيذ أوامر الترحيل بحق المواطنين الأيرلنديين، مشيراً إلى أن ذلك قد يكون غير قانوني، وفقاً لقوانين الاتحاد الأوروبي، غير أن مسؤولاً في إدارة الداخلية رفض الاعتراض وأصدر توجيهاً بمواصلة تنفيذ أوامر الترحيل.

وقال مسؤول الهجرة، في ديسمبر/كانون الأول، إن "مجرد وجود إدانة جنائية لا يكفي لتبرير القرارات أو الإجراءات المذكورة". وأضاف أنه حتى لو كان المحتجون يشكّلون خطراً على النظام العام، بناءً على تحقيقات الشرطة، فلا توجد "إدانات قانونية ملزمة تبرر خطراً حقيقياً وكافياً".

في المقابل، وبّخ مسؤول إدارة الداخلية، مسؤول الهجرة عبر البريد الإلكتروني، قائلاً: "من غير المعتاد أن يجري الطعن في توجيه إشرافي من الإدارة بهذه الطريقة. أعتبر هذه الرسالة بمثابة احتجاج رسمي، ومع ذلك، فإنني أرفضه". وأكد أن "استمرار حرية التنقل لهؤلاء الأفراد لا يمكن تبريره فقط لأسباب تتعلق بالنظام العام والأمن؛ فالإدانة الجنائية غير ذات صلة". وقال موراي إنه شارك في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين جزئياً للتعبير عن تضامنه مع الجالية الشرق أوسطية في نويكولن. وأضاف: "أراد الناس التجمع، والحزن، وإضاءة الشموع. كان هذا حيي ومجتمعي، وكان هؤلاء جيراننا". حيث يشكّل المجتمع الأيرلندي في برلين جزءاً صغيراً ولكنه مؤثر في حركة التضامن مع فلسطين في العاصمة الألمانية. 

وفي ردها على استفسارات "ذي آيريش تايمز"، قالت متحدثة باسم مكتب الهجرة في برلين إن المكتب لا يعلق على "إجراءات إدارية فردية تتعلق بأشخاص محددين، وذلك لأسباب تتعلق بحماية البيانات". وأشارت إلى أن مواطني الاتحاد الأوروبي قد يفقدون حقهم في حرية التنقل، مستندة إلى مذكرة عامة مكونة من 964 صفحة حول "الإقامة في برلين".

من جهتها، أكدت إدارة الداخلية في برلين أن أي قرار بإنهاء إقامة شخص "يجب تقييمه دائماً بناءً على المتطلبات القانونية الأساسية". وأضافت: "يجري اتخاذ هذه الإجراءات، كما هو الحال في هذه القضية، بناءً على تقييم فردي لكل حالة، مع الأخذ في الاعتبار جميع المعلومات ذات الصلة بالشخص المعني". وأوضحت أن التقييم يشمل، من بين أمور أخرى، الخطر الذي يمثله الشخص، ومدى اندماجه الاجتماعي والمهني والثقافي، بالإضافة إلى هدف ومدة إقامته. واختتمت بالقول: "سيجري أخذ أي إدانات جنائية في الاعتبار عند التقييم، إلا أنها لا تشكّل شرطاً مسبقاً لفرض الإجراءات المناسبة".

المساهمون