العنف في مدارس مصر... قضية تحتاج إلى تعاون الجميع

17 فبراير 2025
ضبط سلوكيات الطلاب ضرورة، 25 سبتمبر 2016 (محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت المؤسسات التعليمية في مصر حوادث عنف متزايدة، مما يبرز الحاجة إلى معالجة هذه الظاهرة. تشير كاريمان العيسوي إلى غياب احترام المعلم وعدم فعالية القوانين كأسباب رئيسية.
- توضح الأخصائية الاجتماعية نرمين حزين أن العنف بين الطلاب ناتج عن التعنيف الأسري والتدليل المفرط، وتؤكد على أهمية التعاون بين الأهل والمدرسة لفهم ومعالجة الأسباب الجذرية.
- يربط استشاري الطب النفسي محمد الشامي العنف باضطرابات نفسية أو تعاطي المخدرات، ويشدد على أهمية العلاج النفسي المبكر وتوفير خدمات الصحة النفسية بأسعار معقولة.

شهدت مؤسسات تعليمية مصرية، خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، عدداً من حوادث العنف غير المسبوقة، من بينها مصرع طالب في المعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان (شرق القاهرة) متأثراً بطعنة تلقاها من زميل له داخل حرم المعهد، واعتداء طالبتين بالمرحلة الثانوية على زميلتهما في مدرسة دولية بمنطقة التجمع الخامس الراقية في العاصمة، ما أدى إلى إصابتها بكسور وكدمات خطيرة، وتعرضت طالبة في مدرسة إعدادية بحي الزيتون في القاهرة أيضاً لاعتداء من قبل زميلتها، ما تسبب في إصابتها بجرح غائر في وجهها.
وخارج أسوار المدارس، شهد محيط مركز تعليمي خاص في منطقة كفر عبده بمدينة الإسكندرية (شمال) مشاجرة عنيفة بين طلاب باستخدام السلاح الأبيض، أسفرت عن إصابة ثلاثة طلاب، أحدهم حالته خطرة.
تقول المختصة في التربية والطفولة المبكرة كاريمان العيسوي إن تكرار تلك الوقائع يؤكد أهمية الالتفات إلى غياب احترام المعلم، وعدم نجاعة القوانين القائمة في ضبط سلوكيات الطلاب، ويستدعي العمل سريعاً على إيجاد سبل لمكافحة تلك الظاهرة الخطيرة.

أسباب عدة وراء عنف الطلبة تشمل التعنيف الأسري والتدليل المفرط

وتتحدث الأخصائية الاجتماعية نرمين حزين عن ضرورة فهم أسباب تلك السلوكيات قبل العمل على معالجتها بدلاً من إلقاء اللوم على بعض الأطراف. مضيفة أن "الموضوع أعمق مما يبدو، ويتطلب وقتاً وجهداً لفهمه وتحليله، ثم معالجته بشكل جذري. كوني أماً لديها أطفال في المدارس، أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه تربيتهم، وأؤمن أن دور الأهل لا يقل أهمية عن دور المدرسة، ونحن بحاجة إلى توازن بين المشاركة الفعالة في حل مشاكل أبنائنا، والتعاون مع المدرسة لبناء شخصياتهم من دون أن نتدخل بشكل مفرط في شؤون الإدارة المدرسية".
تضيف حزين: "ينبغي أن يجلس مختصون مع التلاميذ الذين يمارسون العنف، ومنهم الفتيات اللاتي قمن بضرب زميلتهن، ويُسمع رأيهم لفهم الحالة النفسية وللمساعدة على اكتشاف الأسباب الحقيقية وراء هذا السلوك العنيف. ينبغي أيضاً الانتباه إلى مشاعر الطلاب الذين شهدوا الحادث، ومعرفة القناعات التي كونوها، والأفكار التي تدور في أذهانهم عن العالم من حولهم. أعتقد أننا نناقش عرضاً وليس مرضاً، وبالتالي فإن الحلول السطحية لن تمنع تكراره، إذ نحتاج إلى معالجة الأسباب الجذرية بجرأة ووعي".
وتختم: "هذه ليست مشكلة فردية، ولا تقتصر على مناطق بعينها، أو مدارس بعينها، بل هي قضية مجتمعية تحتاج إلى تعاون الجميع. نحن بحاجة إلى التوقف عن إطلاق الأحكام السريعة، والبدء في مناقشة الأسباب الحقيقية للسلوكيات السلبية بمسؤولية وشجاعة".

الأسرة شريك للمدرسة في المتابعة. 25 سبتمبر 2016 (محمد الراعي/الأناضول)
الأسرة شريك للمدرسة في المتابعة، 25 سبتمبر 2016 (محمد الراعي/الأناضول)

من جانبها، توضح الأخصائية التربوية سمية شريف أن "هناك أسباباً عديدة ترتبط بعنف الطلبة؛ من بينها التعنيف الأسري، أو التدليل المفرط، كما أن الثقافة السائدة في المجتمع تعزز مفاهيم خاطئة عن مظاهر القوة أو الرجولة، كما أن الأفلام والمسلسلات تحتفي بالبلطجة، وتغذي فكرة أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للحصول على الحقوق، وهناك حالة احتفاء مجتمعي بمفاهيم مغلوطة. يجب تغيير تلك الثقافة عبر المنزل والمدرسة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، فالاعتداء على الآخرين أو استخدام الألفاظ البذيئة ليس دليلاً على القوة، بل هو سلوك مرفوض".
تواصل شريف: "الطالب الذي يفتقر إلى الثقة بالنفس يكون سهل الاستفزاز وسريع الغضب، ما يجعله يفقد السيطرة على نفسه بسهولة، لذا يجب أن يتعلم الطفل كيف يكون واثقاً من نفسه، وكيف يتعامل مع الإهانات من دون أن يفقد أعصابه، وينبغي أن يكون لدى المدارس برامج حول احترام الآخر، وأن تعمل على بناء شخصية الطالب وتعليمه المهارات اللازمة عند خرق القواعد، مع تطبيق عقوبات صارمة على المخالفات، والتشديد على أهمية التحقيق في الحوادث لمعرفة الحقيقة".

بدوره، يربط استشاري الطب النفسي محمد الشامي الحوادث المتعلقة بالعنف والقتل بأنواع من الاضطرابات النفسية أو تعاطي المخدرات. ويؤكد أن "الأهل يتحملون مسؤولية عدم توفير العلاج النفسي، خاصة عندما يمثل الشخص خطراً على نفسه أو على الآخرين".
ويستعرض الشامي الحجج الشائعة التي يقدمها الأهل لعدم توفير العلاج النفسي، ومن بينها رفض المريض العلاج، أو الاعتقاد بتعرضه للسحر أو الحسد، أو عدم توفر المال أو الأطباء. ويؤكد أن "العلاج إلزامي في حالات الخطر، ويكون عبر استخدام الأدوية طويلة المفعول. يلزم توفير خدمات الصحة النفسية بالمجان أو بمقابل رمزي في المستشفيات الحكومية، إضافة إلى تفعيل الكشف النفسي عبر شبكة الإنترنت".
ويختتم الطبيب النفسي بتوجيه رسالة للأهل تطالبهم بعدم التقصير في حق أبنائهم، مؤكداً أن "العلاج المبكر يمكن أن يمنع وقوع كوارث كبرى، وأطالب بالعمل على تغيير الثقافة المجتمعية إزاء العلاج النفسي، فالانتشار الكبير للأمراض النفسية يتطلب وعياً أكبر، ومسؤولية جماعية".

المساهمون