حرب إسرائيلية على التعليم أيضاً

07 فبراير 2025
دمار هائل طاول مدارس غزة. 13 يناير 2025 (عمر القطاع/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يصادف 24 يناير اليوم الدولي للتعليم، لكن هذا اليوم لا يحظى بالتقدير في مناطق النزاع مثل فلسطين ولبنان، حيث تعرضت المؤسسات التعليمية لتدمير ممنهج أدى إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة.

- الحرب المستمرة أثرت نفسياً على الطلاب والمعلمين، مما يتطلب دعماً طويل الأمد للتعافي، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف التوسع والسيطرة.

- تاريخياً، تعرضت غزة ولبنان لحروب متكررة، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية التعليمية بشكل متزايد، مع استمرار الحاجة إلى تحديث الإحصاءات بسبب الأضرار المستمرة.

يصادف الرابع والعشرون من يناير/كانون الثاني سنوياً اليوم الدولي للتعليم كما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن هذا اليوم لا يحظى بالتقدير والاحترام، ولا الظروف الملائمة للقيام بمهمة التعليم المطلوبة، لا سيما في البلدان والمناطق التي تتعرض لأعمال انتقامية من جانب قوى عنصرية أو استعمارية.
تعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وكذلك الشعب اللبناني، خصوصاً في الجنوب، لتدمير ممنهج قاد إلى مصرع آلاف المعلمين والأساتذة الجامعيين، وعشرات آلاف التلاميذ والطلاب خلال الأشهر الماضية، وشهد العالم حرب إبادة مارسها جيش لا يمتلك فقط آلة إعلامية وأعتى تكنولوجيا حربية، بل يمتلك معها مدداً لا ينقطع من الأسلحة والذخائر التي تزوده بها المصانع الأميركية والأوروبية.
ويسمح توقف الأعمال القتالية، وبدء تبادل المحتجزين والأسرى، بالعمل على معرفة ما طاول مؤسسات التعليم من تدمير أو أضرار، علماً أن أحداً لا يستطيع التكهن بأن وقف الأعمال القتالية سيكون دائماً، إذ قد يعود العدوان الإسرائيلي في أي لحظة، لتضاف خسائر جديدة إلى الخسائر السابقة. ما يعني أن الإحصاءات القائمة قد تصبح قديمة وتحتاج إلى تحديث، هذا إذا سلمنا بأن عمليات الإحصاء تتبع أسساً علمية دقيقة.

هناك خسائر بشرية تكبدها الجهاز التعليمي والإداري والفني، وهناك ما يتعلق بالبنية التحتية من مبانٍ ومختبرات وتجهيزات وصفوف وأجهزة وغيرها. لكن هناك أيضاً ما لا يدخل في الإحصاءات، وهو الآثار النفسية التي خلفها عام ونصف العام من الحرب على الطلاب والهيئات التعليمية، وحتى على الأهالي، والذين حفروا بأيديهم العارية بحثاً عن فلذات أكبادهم بين أكوام الركام التي كانت بيوتهم، وكل هؤلاء يحتاجون إلى أشكال من الدعم الذي يتوجب أن يقدمه لهم مختصون على المدى الطويل، باعتبار أن إصاباتهم تحتاج إلى أشهر، وربما سنوات كي يبرأوا منها.
على أن المشكلة أكبر، وتتعلق بالمشروع الإسرائيلي الذي يستهدف فلسطين ومناطق واسعة من لبنان، فالكل يعرف أن حكومة اليمين العنصري المتطرفة، وإن كانت قد أوقفت المجزرة مؤقتاً، تملك من الدوافع ما يتيح لها متابعة القتال، مستفيدة من توازن القوى المختل لصالحها دولياً وميدانياً، ومشروعها نتيجة دعم مفتوح لتحقيق المزيد من التوسع، ومحاولة سحق القوى التي تعترض الطريق.
يمكن هنا العودة إلى تواريخ حروب سابقة، ليتبين أن كلاً من قطاع غزة ولبنان عاشا حروباً عدوانية متصلة، فقد شنت إسرائيل قبل الحرب الحالية حروباً على القطاع في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021، وعلى لبنان في أعوام 1969 و1978 و1982 و1996 و2006 و2023، وفي كل هذه الحروب، كانت المؤسسات التعليمية تتعرض لأضرار بالغة. لكن ما تعرضت له البنية التحتية أخيراً من تدمير هو أضعاف ما تعرضت له خلال الحروب السابقة.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون