رفع ركام العدوان في شمال غزة لاستقبال النازحين العائدين

20 يناير 2025
جرافات وآليات في شوارع شمالي غزة، 19 يناير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت السلطات في غزة والشمال بإزالة الركام وفتح الشوارع بعد وقف إطلاق النار، بمشاركة الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين، لتسهيل حركة المواطنين وعودة النازحين.
- يعاني السكان من آثار العدوان الإسرائيلي الذي دمر آلاف الوحدات السكنية، وينتظر النازحون العودة لمنازلهم، مثل محمد الدريني وأم محمد سعيد.
- يعبر السكان عن مشاعر مختلطة مع انتهاء الحرب، ويأملون في إعادة الإعمار واستمرار الهدوء، مثمنين الجهود المبذولة لفتح الطرق وعودة النازحين.

بدأت السلطات البلدية في محافظتي غزة والشمال، منذ الساعات الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أعمال فتح الشوارع الرئيسية، وإزالة أكوام الركام التي نتجت عن العملية العسكرية الإسرائيلية التي تواصلت على مدار أكثر من مائة يوم.
وشرعت الجرافات والآليات في تنظيف الشوارع لتسهيل حركة المواطنين القادمين من الجنوب إلى الشمال، في محاولة حثيثة للانتهاء من تلك الأعمال قبل اليوم السابع من المرحلة الأولى من الاتفاق، والمقرر أن تبدأ فيه عودة النازحين إلى الشمال.
يقول المهندس في الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين، عزت زمو، إن الهيئة تشارك في العمل على فتح الشوارع وإزالة الركام في محافظة غزة ومحافظة الشمال بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية في رام الله، ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "الهيئة ستقوم بإعادة فتح وترميم شارع الرشيد الساحلي جنوب غربي مدينة غزة، وستبدأ الأعمال من وادي غزة مروراً بالمفترقات الرئيسية، مثل النابلسي وأنصار، فضلاً عن العديد من الشوارع الداخلية لتسهيل حركة عودة النازحين. الأسبوع الأول من الاتفاق سيشهد عملاً مكثفاً لتسهيل حركة المواطنين من جنوبي القطاع إلى شماله، وإتاحة التنقل في شوارع مدينة غزة ومناطق الشمال".
ووفق إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد دمّر الاحتلال خلال العدوان أكثر من 161,600 وحدة سكنية بشكل كلي، و194 ألف وحدة جزئياً.
يستعد الفلسطيني محمد الدريني للعودة إلى مخيم جباليا مع أبنائه الأربعة، وقد نزحوا في الأيام الأولى للحرب إلى مدينة دير البلح في المحافظة الوسطى، بعد أن استشهدت زوجته. يقول لـ "العربي الجديد": "أنتظر بفارغ الصبر مرور الأيام السبعة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار كي أعود مع أطفالي الذين فقدوا والدتهم في بداية الحرب. لم أكن أتوقع أن يطول غيابنا لأكثر من 15 شهراً، ورغم الدمار الذي حلّ بمنزلنا، سأبني خيمة إلى جواره، وأعيش فيها معهم بعد التهجير القسري الذي عشناه".

عائدون من مدينة غزة إلى الشمال. 19 يناير 2025 (العربي الجديد)
عائدون من مدينة غزة إلى الشمال، 19 يناير 2025 (العربي الجديد)

بدورها، تنتظر المُسنة الفلسطينية أم محمد سعيد بلهفة عودة أبنائها الثلاثة الذين نزحوا إلى مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى. تقول لـ "العربي الجديد": "كنت أنتظر إعلان وقف إطلاق النار، وأحسب الوقت بالساعة كي أستقبل أولادي، وأحتضنهم بعد غياب قسري لشهور. أشعر بأن هذه الأيام السبعة طويلة، فأنا أنتظر على أحر من الجمر، وأشكر الله أنهم ظلوا سالمين من حرب الإبادة التي طاولت البشر والحجر. أريد أن أجتمع بأبنائي، وأن تعود لمة العائلة، ونتبادل الأحاديث كما كنا نفعل قبل الحرب".
كانت شيماء محمد تسير في شارع الصفطاوي شمالي مدينة غزة، وعلى وجهها علامات فرح ممزوج بالألم والحسرة على فقدان طفلتها التي لم تتجاوز العام والنصف من عمرها، في ظل غياب عائلتها بفعل النزوح إلى مدينة خانيونس جنوبي القطاع. تقول لـ "العربي الجديد": "رغم فقدان طفلتي، إلا أنني شعرت بالفرح عند إعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. سأعود للاجتماع بعائلتي، واحتضان شقيقاتي اللواتي لم ألتقِ بهن طيلة أشهر الحرب".
تأمل شيماء أن يعم الهدوء والأمان قطاع غزة، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها السابقة، ويلتئم شمل العائلات الفلسطينية، وتنتهي معاناة الحرب، ويُعاد إعمار غزة بعد أن ذاق الشعب الويلات.

تمضي الأيام ثقيلة على الشاب مؤمن جبر، الذي ينتظر عودة أشقائه من جنوبي القطاع، فقد كان البُعد بالنسبة له ألماً إضافياً خلال حرب الإبادة. ويقول لـ "العربي الجديد": "الشعور الأجمل هو انتهاء الانتظار، والتمكن من رؤية الأحبة، وهذا ما كنت أحلم به لشهور. كانت أيام الحرب أشبه بالكابوس، وقد مرت الأيام طويلة بدون لمّة العائلة، وهذا ما كان يسعى إليه الاحتلال خلال هذه الحرب. نثمن الجهود المبذولة لفتح الطرق والشوارع الرئيسية لتسهيل عودة النازحين من جنوبي القطاع، والتي من شأنها توفير الوقت والجهد".
وانتهج جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ الأيام الأولى لعدوانه على قطاع غزة سياسة التهجير القسري التي طاولت غالبية سكان شمالي القطاع، ضمن سياسة ممنهجة كانت تهدف إلى إفراغ القطاع من السكان بشكل كامل، لكن مخطط التهجير، والذي كان يطلق عليه أيضاً "خطة الجنرالات"، فشل فشلاً ذريعاً نتيجة صمود الفلسطينيين في أنحاء القطاع طيلة أكثر من 15 شهراً، رغم ما خلفته من شهداء ومفقودين وجرحى، وتدمير مئات آلاف المنازل، وحرق وتدمير عشرات المستشفيات والعيادات الطبية والمنشآت التجارية والصناعية.

المساهمون