استمع إلى الملخص
- تشمل الحملة استخدام 750 مركزاً صحياً و300 فريق جوال لضمان وصول اللقاحات إلى القرى البعيدة، بمشاركة 9,000 عامل صحي، مع التركيز على استكمال اللقاحات الأساسية ومتابعة المتسربين.
- تغطي الحملة برنامج التلقيح الوطني بالتعاون مع منظمات دولية، وتواجه تحديات مثل الحفاظ على السلسلة الباردة ونقص الكوادر، لكنها تسعى لرفع مستوى الحماية الصحية للأطفال.
أطلقت وزارة الصحة السورية، اليوم الأحد، حملة وطنية واسعة للتلقيح تستمر حتى 23 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في محاولة لتعزيز المناعة المجتمعية للأطفال دون سن الخامسة والحد من انتشار أمراض خطيرة عادت إلى الظهور خلال السنوات الأخيرة. وتشمل الحملة جميع المحافظات السورية، مع تركيز خاص على المناطق الريفية والنائية.
وقال وزير الصحة السوري مصعب العلي، لـ"العربي الجديد"، إن الحملة التي انطلقت اليوم تشمل جميع المناطق السورية بمشاركة أكثر من 750 مركزاً صحياً، إلى جانب 300 فريق جوال تعمل خارج المراكز للوصول إلى الأطفال في التجمعات السكانية البعيدة. وأوضح أن الكوادر الصحية تقوم بتقييم حالة كل طفل بشكل فردي لتحديد اللقاح المناسب له، مع إعطاء جرعات داعمة لأمراض مثل الحصبة، بحسب الفئة العمرية. واعتبر أن اللقاح ليس إجراءً طبياً بسيطاً، بل "درع وقاية جماعي" يحمي الأطفال والمجتمع بأكمله، مشجعاً الأهالي على اصطحاب أطفالهم إلى مراكز التلقيح، ومشيراً إلى أن الأبحاث العلمية أثبتت اختفاء أمراض كاملة بفضل برامج التلقيح.
وتهدف الحملة إلى الوصول إلى أكثر من ثلاثة ملايين ومئتين وأربعين ألف طفل، بينهم ما يقارب مليونين وثمانمئة وتسعين ألفاً سيحصلون على لقاح الحصبة ضمن الفئة العمرية الممتدة من سبعة أشهر حتى خمس سنوات. ويقول مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة محمد سالم، لـ"العربي الجديد"، إن الهدف هو استكمال اللقاحات الأساسية للأطفال، ومتابعة المتسربين من البرنامج الوطني، وضمان عدم ترك أي طفل من دون حماية.
وتعتمد الوزارة في تنفيذ الحملة على مزيج من المراكز الصحية الثابتة والمحدثة والفرق الجوالة التي ستنقل اللقاحات المبردة إلى القرى والتجمعات السكانية البعيدة. ويشارك في العملية أكثر من تسعة آلاف عامل صحي. وتأتي هذه الحملة ضمن جهود وزارة الصحة الرامية إلى رفع مستوى الخدمات الصحية للمواطنين وزيادة معدلات التغطية باللقاحات الأساسية، وتعزيز الحماية الصحية للأطفال في مختلف المحافظات.
وتغطي الحملة كامل برنامج التلقيح الوطني الذي يشمل لقاحات تُعدّ خط الدفاع الأول في وجه أمراض قاتلة، من بينها لقاح شلل الأطفال والسل والكزاز والحصبة، والحصبة الألمانية والدفتيريا والنكاف والسعال الديكي والتهاب الكبد الوبائي والمستدمية النزلية. ويقول سالم إن أهمية هذه الخطوة لا تقتصر على إعطاء الجرعات بحد ذاتها، بل تمتد إلى سد أي فجوات في التغطية نشأت خلال السنوات الماضية بسبب النزوح أو صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية أو تراجع الوعي بأهمية اللقاح.
وتندرج الحملة الحالية أيضاً في سياق تحرك أوسع تقوده وزارة الصحة بالتعاون مع منظمات دولية. ففي مايو/أيار الماضي، أجرى وزير الصحة محادثات مع المسؤولة عن ملف سورية في التحالف العالمي للقاحات والتحصين (Gavi) فيرونيك مايوفا فاج، تناولت سبل دعم سورية باللقاحات الأساسية. وجاءت هذه المحادثات على هامش أعمال الدورة الثامنة والسبعين لجمعية الصحة العالمية في جنيف، حيث جرى بحث آليات توسيع نطاق برامج التلقيح الوطني لضمان وصولها إلى جميع الفئات المستهدفة، لا سيما الأطفال في المناطق الأشد احتياجاً.
ويستعد عاملون صحيون في ريف دمشق للتنقل بين القرى على مدار أيام الحملة حاملين معهم اللقاحات المبردة ودفاتر المتابعة الصحية. ويقول بلال عبد القادر، أحد العاملين هناك، لـ"العربي الجديد"، إن كثيراً من الأطفال في هذه القرى لا يحصلون على جرعاتهم في المواعيد المحددة بسبب بُعد المراكز الصحية، مشيراً إلى أن الفرق الجوالة هي الوسيلة الوحيدة لضمان وصول اللقاحات إليهم.
ويواجه البرنامج جملة من التحديات المرتبطة بالحفاظ على السلسلة الباردة لنقل اللقاحات، ونقص الكوادر الصحية، وصعوبات لوجستية في بعض المناطق. كما أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة ساهمت في تراجع المتابعة الصحية للأسر، ما جعل الحملات الوطنية وسيلة أساسية لتعويض الانقطاع في الخدمات الروتينية. ومع ذلك، يرى العاملون في القطاع الصحي أن هذه الحملة تمثّل فرصة حقيقية لرفع مستوى الحماية الصحية للأطفال ومنع عودة أمراض كانت قد تراجعت بشكل كبير في العقود الماضية، مؤكدين أن كل جرعة تُعطى لطفل هي استثمار في صحته ومستقبل المجتمع.