فحوص الدم خطوة نوعية في تشخيص الخرف بالمملكة المتحدة

04 فبراير 2025
أزمة الخرف متفاقمة في بريطانيا. 2 سبتمبر 2019 (سيمون داوسون/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت المملكة المتحدة في تجربة اختبارات دم متطورة للكشف المبكر عن الخرف، بقيادة جامعتي أكسفورد وكامبريدج، بهدف تحسين دقة التشخيص وتوفير علاجات فعالة، مع إدراجها في خدمات NHS خلال خمس سنوات.
- توفر اختبارات الدم وسيلة أسرع وأقل كلفة لتشخيص الخرف مقارنة بالأساليب الحالية، مما يتيح للمرضى الحصول على الرعاية المناسبة مبكرًا ويعزز فرص المشاركة في الأبحاث.
- تُجرى التجربة في 28 موقعًا بالمملكة المتحدة، وتهدف إلى اختبار فعالية الفحوص في بيئات واقعية، مع توقعات بزيادة نسبة التشخيص إلى 66.7%.

بدأ مرضى في المملكة المتحدة بالخضوع لاختبارات دم متطورة للكشف المبكر عن الخرف، في إطار تجربة طبية قد تُحدث نقلة نوعية في تشخيص المرض. يقود هذه المبادرة باحثون من منصة الخرف في المملكة المتحدة (DPUK) تابعون لجامعتي أكسفورد وكامبريدج، ضمن مشروع "تحدي العلامات الحيوية للدم"، المدعوم من مؤسسات خيرية وجهات علمية.
يهدف المشروع إلى إدراج هذه الاختبارات ضمن خدمات هيئة الصحة الوطنية (NHS)، ما يسهم في تحسين دقة التشخيص وتوفير علاجات أكثر فاعلية للمرضى. وتستهدف التجربة التي تشمل أكثر من 3000 شخص مهتم بصحته الإدراكية، تقديم أدلة علمية تدعم إدراج اختبارات الدم البسيطة منخفضة التكلفة ضمن خدمات الصحة الوطنية خلال السنوات الخمس المقبلة، كما تهدف إلى تقييم فعالية الاختبارات عبر مجموعات سكانية متنوعة، بما في ذلك الأقليات العرقية وكبار السن والأشخاص المصابين بحالات صحية أخرى، لضمان ملاءمتها للجميع.
ورد مكتب إعلام أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، على أسئلة لـ"العربي الجديد" حول المشروع ببيان رسمي، قال فيه المسؤول في المكتب غاي وولكر، إن "تجارب المؤشرات الحيوية للدم تهدف إلى تطوير اختبارات دم أكثر سرعة ودقة في تشخيص الخرف".
بدورها، تؤكد مديرة الأبحاث في مركز أبحاث الزهايمر، شيونا سكيلز، الحاجة الملحة إلى تحديث أساليب تشخيص الخرف التي ظلت من دون تغيير يُذكر منذ ما يقرب من عقدين. مشيرة إلى أنه رغم أن الخرف يعدّ السبب الرئيسي للوفاة في المملكة المتحدة، يواجه العديد من المرضى فترات انتظار طويلة للحصول على التشخيص، ولا سيما في المناطق الأكثر حرماناً من الرعاية الصحية.
وتوضح سكيلز الإمكانات الكبيرة التي تتيحها اختبارات الدم، والتي توفر وسيلة أسرع وأقل كلفة وأسهل تطبيقاً مقارنة بالأساليب المعتمدة حالياً، وتضيف: "تحدي المؤشرات الحيوية للدم خطوة محورية نحو تحقيق تشخيصات أكثر دقة وسرعة، ما يعزز الآمال في جعل الخرف مرضاً قابلاً للعلاج".
من جانبها، تعتقد الباحثة فيونا كاراغر، أن "هذه الاختبارات قد تحدث ثورة في مسار التشخيص. التشخيص المبكر والدقيق ضروري لضمان حصول المرضى على الرعاية المناسبة، والنظام الحالي يعاني تأخيرات طويلة، ويبقى ثلث المصابين من دون تشخيص، بينما قد يستغرق تأكيد الإصابة لدى البعض عدة سنوات، وغالباً ما يكون غير دقيق".
وتحذر كاراغر من أن "التأخر في التشخيص يحرم المرضى من فرص الحصول على الرعاية المناسبة، أو المشاركة في الأبحاث العلمية والتجارب السريرية. هناك مجموعة من الأدوية الواعدة في المراحل النهائية من التجارب، ويُعتقد أنها قد تبطئ تطور المرض، بيد أنّها ستكون أكثر فاعلية إذا بدأ العلاج في وقت مبكر، وهو ما لا يتيحه النظام الحالي بالكفاءة المطلوبة".

تطوير الفحوص ضرورة صحية. 27 يناير 2025 (بيتر سومرز/Getty)
تطوير الفحوص ضرورة صحية. 27 يناير 2025 (بيتر سومرز/Getty)

ووفقاً للدراسة الجارية، تعتمد الاختبارات على الكشف عن بروتينات مرتبطة بمرض الزهايمر وأشكال أخرى من الخرف، ورغم أنها لا تقدم تشخيصاً نهائياً وحدها،  يوفر دمجها مع التقييمات السريرية مؤشرات مهمة على وجود المرض ونوعه، ما قد يسهم في تحسين دقة التشخيص وتسريع بدء العلاج.
وتعد الفحوص المتقدمة للدماغ، مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) أو تحليل السائل النخاعي، من بين الأدوات الأكثر دقة في تشخيص الخرف، لكنها تظل بعيدة المنال لمعظم المرضى نظراً إلى تكلفتها المرتفعة وتعقيد إجراءاتها، ما يحد من استخدامها إلى نحو 2% فقط من الحالات. في حين يعتمد الأطباء في الغالب على اختبارات الذاكرة والتقييمات السريرية، وهي وسائل أقل دقة، ما يؤدي إلى تأخير التشخيص، أو عدم تحديده بشكل قاطع في المراحل المبكرة من المرض.
وتُجرى التجربة حالياً في 28 موقعاً بالمملكة المتحدة، ويسعى الباحثون إلى اختبار فعالية هذه الفحوص في بيئات الرعاية الصحية الواقعية. وتقول البروفيسورة في جامعة أكسفورد، فانيسا ريمونت، والتي تقود التجربة، إن هذه الاختبارات قد تصبح متاحة على نطاق واسع في المستقبل، ويمكن أن تُجرى في العيادات، وربما تُدمج في برامج الفحص المجتمعية، خاصة مع تطوير أدوية جديدة. بيد أنها في الوقت الحالي، تقتصر على الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض واضحة للخرف.

كانت ستيفاني إيفريل (67 سنة) من بين أوائل المشاركين في التجربة، وقد خضعت لاختبارات إدراكية في مستشفى وارنفورد بأكسفورد، شملت مهام مثل رسم الساعة والمكعب والتعرف على الحيوانات، ورغم تمكنها من التعرف على الأسد والجمل، تعثرت عند رؤية صورة وحيد القرن، وترددت في نطق اسمه.
تدرك ستيفاني أن ذاكرتها لم تعد كما كانت، ويزيد قلقها بشأن احتمال إصابتها بمرض الزهايمر، خاصة أن والدتها عانته، وتعترف أنّه من الواضح أن هناك خطأ ما في دماغها، لكنها لا تعرف ما هو، وتأمل أن يمنحها اختبار الدم إجابة واضحة تنهي حالة الشك التي تعيشها.
وتسعى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا إلى رفع نسبة تشخيص المصابين بالخرف إلى 66.7%، فيما تشير أحدث البيانات الصادرة في ديسمبر/كانون الأوّل 2024، إلى أن المعدل الحالي يبلغ 65.6%.

المساهمون