استمع إلى الملخص
- الجهود المحلية والدولية غير كافية، حيث تعتمد البلدية على التبرعات الفردية والجمعيات الخيرية، مما يثير تساؤلات حول فعالية المنظمات الدولية.
- أطلقت الأمم المتحدة خطة لجمع 106.5 ملايين دولار لدعم اللاجئين في مجالات متعددة، لكن التحدي الأكبر هو توفير الدعم الفوري والفعال، خاصة للأطفال وكبار السن.
جدد مسؤولون ليبيون في مدينة الكفرة المحاذية للحدود مع السودان مطالبهم الخاصة بدعم أوضاع اللاجئين السودانيين خلال فصل الشتاء القاسي في ظل النقص الكبير في إمكانيات البلدية. وتزامن ذلك مع تأكيد نشطاء توسّع اللاجئين إلى خارج الكفرة.
ويؤكد المتحدث باسم بلدية الكفرة عبد الله سليمان استمرار تدفق اللاجئين السودانيين إلى الكفرة، وهو ما يزيد الاحتياجات، ويقول لـ"العربي الجديد": "يعني استمرار تدفق اللاجئين السودانيين استمرار التحديات المحلية لمواكبة جهود الدعم المطلوبة والضرورية. والحقيقة أن الإمكانيات المتاحة للبلدية لا تسمح باستيعاب عدد أكبر من اللاجئين، علماً أنهم موجودون في مزارع غير مناسبة لعيش عائلات فيها".
ويصف سليمان أوضاع اللاجئين بأنها "مأساوية، وتزداد سوءاً مع قسوة ظروف فصل الشتاء الذي يحتم حصولهم على ملابس وأغطية وغذاء ومأوى لتوفير ظروف مناسبة للعيش".
ولا يزال عدد اللاجئين السودانيين غير منضبط، ويقدّره سليمان بـ100 ألف في الكفرة، أما بيانات غرفة الطوارئ الصحية فتقول إن عددهم تجاوز 400 ألف في ليبيا منذ اندلاع الحرب في بلدهم، من بينهم 70 ألفاً في الكفرة. أما مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فذكرت في بيانات أصدرتها في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن 210000 لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب في بلدهم، وأن 55888 تسجلوا لدى فرعها في ليبيا.
وتكافح بلدية الكفرة من أجل توفير ما يحتاجه اللاجئون، ويؤكد سليمان أن البلدية تقدم العلاج والأدوية بجهود وإمكانيات ذاتية، ويلقي باللوم على المنظمات الأممية والدولية التي لا تقدم إلا دعماً قليلاً، ويلفت إلى أن مسؤولي البلدية وجهوا اللوم مباشرة للقائمة بأعمال البعثة الأممية ستيفاني خوري خلال زيارتها الأخيرة للمدينة مع وفد ضم ممثلين لعدد من المنظمات الدولية للإغاثة للاطلاع على أوضاع اللاجئين.
ونهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلن مكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا وصول مساعدات من مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية من أجل دعم الاحتياجات الصحية للاجئين السودانيين في مدينة الكفرة، وذكر أن المساعدات وُزعت على أكثر من ثمانية آلاف لاجئ سوداني، لكن الناشط الاغاثي أنور الزوي، يشير في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المساعدات الدولية التي قدِمت عبر الأمم المتحدة "كانت شكلية أكثر منها جدية، إذ قدمت مثلاً علب حليب للأطفال لمرة واحدة أو مرتين، وقد حددت عدد الأطفال الذين وصلتهم هذه العلب، لكنها فعلياً لا تساوي شيئاً في الاستهلاك اليومي للأطفال".
ويلفت الزوي إلى أن الحكومات المحلية لا توفر بدورها الدعم الكافي للاجئين السودانيين، ما يجعل أملهم الوحيد ينحصر في التبرعات التي تجمعها بعض الجمعيات الخيرية، والجهود التي يبذلها نشطاء ومسؤولو بلدية الكفرة نفسها".
يتابع: "تتسلط الأنظار على الكفرة لأنها المحطة الأولى لوصول اللاجئين من السودان، لكن من هم موجودون فيها هم ثلث اللاجئين، فماذا عن أوضاع الثلثين" الباقيين؟
ويسأل عن أحوال اللاجئين الـ55888 الذين سجلتهم مفوضية الأمم المتحدة، ويقول: "هل وصل هؤلاء إلى المفوضية وسجلوا أسماءهم في سجلاتها، أم أن المفوضية هي التي وصلت إليهم في أكثر من منطقة بليبيا؟ وفي كلا الحالتين ماذا قدمت لهم المفوضية، أم أن الأمر يتعلق فقط بتنفيذ إحصاء وتسجيل بيانات؟".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، قال الزوي إن "شريحة كبيرة من اللاجئين مهددة بظروف البرد القارس، وهي تحديداً شريحة الأطفال باعتبارهم الأكثر ضعفاً، ويحتاجون إلى ملابس شتوية ومأوى دافئ وغذاء ورعاية صحية". وشدد الزوي على أن "الأمر لا يتعلق بظروف الشتاء فقط، بل بشتاء صحراوي أكثر قسوة قد لا يستطيع أن يتحمله الضعفاء، خصوصاً كبار السن والأطفال".
وكانت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا قد أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أنها أطلقت خطة الاستجابة للسودان للعام الحالي، والتي تهدف إلى دعم اللاجئين الذين يصلون إلى ليبيا، وقالت إن الخطة تهدف إلى جمع 106.5 ملايين دولار لتوفير الدعم المطلوب في مجالات الصحة والتغذية والتعليم والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والحماية.
ويختم الزوي بأن نقل الصورة المأساوية للاجئين في الكفرة وغيرها من المدن "لا يعني الضجر أو الرغبة في التخلي، فهذا واجب إنساني قبل كل شيء، وسينفذه أهل الكفرة وغيرهم، لكن القصد رفع الصوت لدعم اللاجئين، ولو وقتياً حتى انتهاء فصل الشتاء".