ليبيا... وفيات جماعية في حوادث السير

24 مارس 2025
يتسبب غياب المراكز المرورية في حوادث السير بليبيا، 12 مارس 2019 (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت ليبيا في مارس/ آذار حوادث مرورية مروعة، منها تصادم على طريق الشويرف وانقلاب حافلة بالكفرة، مما يعكس تزايد المخاطر بسبب سوء حالة الطرق.
- تصنف ليبيا كواحدة من الدول الأكثر خطورة في الحوادث المرورية، حيث سجلت وزارة الداخلية مئات الحوادث مؤخراً، مما يثير تساؤلات حول عدم اتخاذ تدابير فعالة.
- يشير الخبراء إلى أن السرعة الزائدة وتردي البنى التحتية هما أسباب رئيسية، مع دعوات لفرض عقوبات وتحسين المراقبة وتوفير وسائل نقل عام كحلول بديلة.

في مشهد مكرر يُلقي بظلاله الثقيلة على الشارع الليبي، تتواصل الحوادث المرورية التي تحصد أرواحاً على الطرقات التي تحوّلت الى مسرح لمآسٍ إنسانية. ويؤكد سقوط عشرات القتلى والمصابين، وبعضهم في حادث واحد أحياناً، تزايد المخاطر يوماً بعد يوم.
في مارس/ آذار الجاري، شهدت ليبيا ثلاثة حوادث كبيرة خلال أيام قليلة. ففي 19 مارس، توفي ثمانية أشخاص في حادث تصادم عدة سيارات حصل على طريق الشويرف (وسط جنوب)، وكان من بين القتلى أربعة من سكان أوباري وأربعة يعيشون في وادي الآجال. وأوضح عميد بلدية أوباري، أحمد ماتكو، أن النيران التي اندلعت إثر اصطدام السيارتين منعت المسعفين من إنقاذ الناجين، وعزا سبب الحادث الدموي إلى سوء حالة الطريق وعدم إخضاعها لصيانة.
وفي 16 مارس، أعلن مستشفى الشهيد عطية الكاسح في الكفرة (جنوب شرق) وفاة أربعة أشخاص وإصابة ستة بانقلاب حافلة ركاب شمال المدينة، وأوضح أن هذا الحادث هو الثالث خلال شهر واحد. وفي 10 مارس، أعلنت مديرية مراقبة التعليم في البيضاء (شرق)، الحداد في مدارس المدينة بعد وفاة خمسة طلاب، بينهم ثلاثة أشقاء، في حادث سير أليم شكّل مأساة اجتماعية هزت المدينة.
ولم يكن فبراير/ شباط الماضي أقل مأساوية على صعيد عدد الحوادث والضحايا، ففي 24 فبراير لقي خمسة أشخاص مصرعهم باصطدام أربع سيارات بسبب السرعة الزائدة على الطريق الساحلي في منطقة سلطان شرقي سرت، بحسب ما أعلن بيان أصدرته مديرية أمن سرت التي نبهت المواطنين من المخاطر الكبيرة للقيادة المتهورة.
وفي 16 فبراير، لقي خمسة من أفراد أسرة واحدة، هم أب وزوجته وأطفالهما الثلاثة، مصرعهم على الطريق بين السدادة وأبو قرين غربي سرت. وجاء ذلك غداة إعلان مديرية أمن العاصمة طرابلس وفاة شخصين بحادث اصطدام ثلاث سيارات على طريق المطار. وفي 10 فبراير استقبل مستشفى جالو المركزي (وسط جنوب) 19 طفلاً أصيبوا في حادث حافلة مدرسية، وتعرض ثلاثة منهم لكسور، وكان أحدهم في حالة حرجة.

تزداد حوادث السير في ليبيا، 12 مارس 2019 (محمود تركية/ فرانس برس)
تزداد حوادث السير في ليبيا، 12 مارس 2019 (محمود تركية/ فرانس برس)

وتُعَدّ ليبيا من بين الدول التي تشهد ارتفاعاً في عدد الحوادث المرورية، وصنّفتها منظمة الصحة العالمية في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي في قائمة الدول الدول الأكثر خطورة في الحوادث المرورية، وذكرت أن ضحايا الحوادث بلغوا 34 لكل 100 ألف نسمة، وهو ما أكدته إحصاءات شهرية متتالية أصدرتها وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، علماً أنّ إحصاء نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي رصد حصول 132 حادثاً مرورياً أوقعت 147 حالة وفاة و357 إصابة بليغة و228 بسيطة.
وفي أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بلغ عدد القتلى 629، إلى جانب 1939 إصابة، من بينها 1006 بليغة و933 بسيطة، وذلك في 2384 حادثاً، بحسب بيانات وزارة الداخلية. 
ووسط حوادث السير المتلاحقة تتصاعد التساؤلات بشأن أسباب استمرار الظاهرة وعدم إيجاد تدابير تمنع حصولها أو تقللها في الحد الأدنى، لكن الضابط في شرطة المرور، أنس بوشعالة، يقول لـ"العربي الجديد" إن "حوادث فبراير ومارس تحديداً نتجت بالدرجة الأولى من السرعة الزائدة للسائقين"، فيما يوضح أن "الجديد فيها، في شكل رئيسي، أن بعضها تسبّب في وفيات جماعية".

ويشدد على ضرورة فرض عقوبات رادعة تتناسب مع الحلول المطلوبة التي يجب تطبيقها ميدانياً للحدّ من الحوادث المرورية، ويقول: "لا بدّ من وجود رادع قوي يُحاسب كل من يتسبب في سقوط ضحايا بسبب الإهمال أو التهور في القيادة"، لكنه يدافع في الوقت نفسه عن موقف السلطات من خلال تأكيد أهمية المسؤولية الجماعية في وقف النزف، خصوصاً في المناطق النائية والطرق الزراعية والساحلية التي تغيب فيها المراكز المرورية.
ويربط مراقبون بين تفاقم أزمة حوادث السير بتردي البنى التحتية للطرقات في ليبيا بسبب الحرب وإهمال تنفيذ مشاريع الصيانة التي باتت حاجة ملحّة في بعض المواقع، وهو ما أشار إليه عميد بلدية أوباري، أحمد ماتكو، بعد حادث الشويرف، إذ اعتبر أن غياب صيانة الطرقات يتسبب في تكرار الحوادث إلى جانب ضعف المراقبة والتفتيش المروري. لكن العديد من النشطاء يحمّلون السلطات المسؤولية، ويطالبون بتطبيق إجراءات قد تشكل حلولاً مناسبة للأزمة المتفاقمة، من بينها توفير وسائل للنقل العام تحل بدلاً من السيارات الخاصة، خصوصاً في الرحلات التي تمتد مسافات طويلة بين المدن.

المساهمون