مهاجرو تونس يتدفؤون بأغصان الزيتون

31 يناير 2025
يعيش المهاجرون ظروفاً صعبة في تونس، 19 مايو 2024 (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه المهاجرون الأفارقة في تونس ظروفاً معيشية قاسية في حقول الزيتون، حيث يفتقرون إلى المياه والكهرباء ويعتمدون على أغصان الزيتون للتدفئة والطهي، مما يؤدي إلى مشاحنات مع السكان المحليين.
- تعاني هذه الفئة من نقص في المياه والغذاء، وسجلت حالات وفاة بسبب التسمم بغاز أول أكسيد الكربون نتيجة استخدام الحطب والفحم في أماكن سيئة التهوية، مع تراجع دعم المنظمات الدولية.
- رغم الظروف الصعبة، نجحت تونس في تأمين العودة الطوعية لبعض المهاجرين، لكن الوضع الإنساني يبقى معقداً بسبب التحديات المتعددة.

يمرّ الشتاء هذا العام قاسياً على المهاجرين الأفارقة في حقول الزيتون في جهتي العامرة وجبنيانة، وسط شرقي تونس، حيث يستخدمون أغصان الزيتون للتدفئة، في وقت يتراجع فيه دور المنظمات الدولية في تقديم المساعدات. ومؤخراً، أفاد المدير المركزي بالتفقدية العامة للحرس الوطني، خالد بن جراد، بأن عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس يقدر بنحو 20 ألفاً تقريباً في جهتي العامرة وجبنيانة بولاية صفاقس، في انتظار إصدار أرقام بشكل رسمي ونهائي من قبل معهد الإحصاء في مارس/ آذار المقبل. أضاف أن عدد المهاجرين الذين ضبطوا في البحر يقدر بنحو 80 ألفاً، منهم 19 ألفاً تمكنوا من الوصول إلى أوروبا. 
ويتخذ هؤلاء المهاجرون من حقول الزيتون مقراً لهم، وقد نصبوا خياماً بلاستيكية أو بنوا أكواخاً من أغصان الأشجار، وسط غياب المقومات الأساسية للحياة من مياه وكهرباء ومستلزمات النظافة والصحة وغير ذلك.

يقول عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فرع صفاقس الجنوبية، حمة حمادي، إن "حياة المهاجرين في حقول الزيتون قاسية، وتزيدها برودة الطقس قساوة في ظل تراجع الدعم المجتمعي والمؤسساتي". ويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المهاجرين يستخدمون أغصان الزيتون للتدفئة والطهي، ما يؤدي إلى حدوث مشاحنات بين المهاجرين والسكان المحليين في العامرة، الذين يعتمدون على الزراعة للعيش".
ويقول حمادي إن "كليهما ضحايا المعالجة السيئة لهذا الملف، ما يجعل المهاجرين يتحملون قساوة الشتاء من دون وسائل تدفئة، ويكبد السكان المحليين خسائر في حقول الزيتون". ويشير إلى أن "غياب وسائل التدفئة هو جزء من حزمة خدمات أساسية يحرم منها المهاجرون نتيجة تراجع المساعدات التي كانت تقدم لهم سابقاً من قبل المنظمات المحلية والدولية والمتطوعين".
وتشير دراسة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في يوليو/ تموز 2024، إلى أنه من بين 379 مهاجراً تمت مقابلتهم في ثلاث محافظات (تونس وصفاقس ومدنين)، فإن 40.1% منهم لا يحصلون على مياه الشرب، ويقولون إنهم يعرفون مهاجرين يعانون من نقص الغذاء. 

وسجل موقع "مهاجر نيوز"، في تقرير بنسخته الفرنسية، وفاتين في صفوف المهاجرين في منطقة العامرة خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي نتيجة تعرضهم للاختناق بغاز أول أكسيد الكربون بينما كانوا يستعملون الحطب للتدفئة. ونقل الموقع عن طبيب التخدير الوحيد في مخيم المهاجرين بالعامرة (من سيراليون)، قوله إن المهاجرين قضوا نتيجة التسمم بأول أكسيد الكربون، وهو غاز عديم الرائحة لكنه خطير للغاية عند إشعال النار بالخشب أو الفحم أو الغاز أو الوقود في منطقة سيئة التهوئة. 
ولا يستبعد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، تسجيل حالات تسمم بغاز أول أكسيد الكربون في خيام المهاجرين الذين يلجأون إلى الفحم والحطب للتدفئة، مؤكداً أن "المنظمات الدولية تخلت بشكل كامل عن مساعدة المهاجرين في الفترة الأخيرة". ويقول لـ "العربي الجديد": "أصبح دور المنظمة الدولية للهجرة مقتصراً على معالجة ملفات الترحيل الطوعي للمهاجرين، ولم تعد المنظمة تتدخل ميدانياً لتقديم المساعدة الطبية أو المعيشية للمهاجرين". يضيف أن "المنظمات الدولية، على غرار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقدت أيضاً جزءاً من فعاليتها بعد التضييق على نشاط شركائها المحليين، على غرار المجلس التونسي للاجئين الذي يقبع رئيسه ومديره التنفيذي في السجن". 
يضيف: "هناك ظروف محلية وأخرى إقليمية ودولية أضعفت حجم المساعدات التي كانت تقدم للمهاجرين واللاجئين، ما يجعلهم في وضع معيشي صعب وعرضة لقساوة العوامل المناخية شتاء".

وفي وقت سابق، أكد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد بن عياد، أن تونس تمكنت بفضل جهودها الدّبلوماسية، من تأمين العودة الطّوعية لـ 7250 مھاجراً غير نظامي من دول أفريقيا جنوب الصحراء عام 2024، وذلك بالتنسيق مع المنظمة الدولية للھجرة ودول الجوار (الجزائر وليبيا)، بالإضافة إلى التعاون مع الدول الأفريقية لتسھيل العودة الطوعية لمواطنيها.

المساهمون